العودة إلى الذات 1

 التاريخ الذي نجهله

إن الاتفاق على أن التاريخ يبدأ من سومر؛ يتيح القراءة في هذه البدايات لتطور الفكر الانساني، وأثر الأسطورة والدين في تشكيل المعرفة البشرية، وتبيان القيمة الثورية للأديان في محاربة الألوهية الكاذبة للملوك، وفضح الدجل الذي يروجه سدنة المعابد وكهانتها في تدجين الشعب وتقبله للعبودية برضى قدري لامفر منه.

الأبحاث التاريخية لم تصل إلى نتائج نهائية حول تطور البشرية، ولكن الكتب السماوية قاربت المعنى الغائب، وأيدت بعض الاكتشافات ماجاء في هذه الكتب، ولكن كتب الدين ليست كتبا علمية، إلا أن نسبتها لوحي من الله تتطلب متابعتها في تطور الحضارة وتقدم البشرية لنعلم معنى “صدق الله العظيم” في ماقاله. ونحن نقرأ في القرآن آخر الكتب المنزلة، ما خلط على الناس في الكتب الأخرى من تدخل الكاتبين وخلطهم بين سيرة الأنبياء وبين وصايا الرب، ونحاول المقاربة بين هذه الكتب والهداية مااستطعنا إلى ذلك سبيلا.

في القرآن، نجده يتحدث عن أثر اكتشاف النار في تطور البشرية، فالنيران التي كانت تحرق الغابات كانت مرعبة لكنها حين صارت أداة اكتشاب عرف الانسان استخدامها للدفء وللإنارة ولشوي اللحوم، ومع شي اللحوم عرف الانسان الشهوة التي تفترق عن الغريزة، حيث الشهوة هي رغبة واعية. لذلك ركز القرآن على النار وذكرها كصفة مهمة في التطور ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون)، و “إذا” هنا اشارة إلى طول المدة حتى الاكتشاف الذي جعلهم يوقدون النار بشكل واع.

كان التعليم مشخصا ولذلك نجد الطير يعلم ابن آدم كيف يدفن الموتى. ( واتل عليهم نبأ ابني آدم… الى قوله ” فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غرابا يبحث في الأرض لنريه كيف يواري سوءة أخيه قال ياويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين.) 

وكان التعليم من السماء يأتي به النذر وهي ملائكة مشخصة، وكانوا يعرفون أنها ليست منهم، وهي في كل بقاع الأرض قبل ارسال الرسل من البشر ( وإن من قرية إلا خلا فيها نذير ) وكانت النذر مشخصة وكانوا يتعلمون منها وأول الرسل البشر كان نوح عليه السلام بعد أن كذَّب قومُه المرسلين ( كذبت قوم نوح المرسلين) والمرسلون هم النذر قبل نوح.

وحين جاء نوح استغربوا لأنهم اعتادوا على الرسل الملائكة ( الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس) وسمى الملائكة المرسلين “النذر ” فلما رأوا نوحا يدعوهم قالوا: ( إن هذا إلا بشر مثلكم) وقالوا ( ماهذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة) فهم كانوا يعرفون الملائكة من الرسل من قبل، ولكن إرسال نوح كان مناسبةً لظهور نوع بسيط من لغة التفاهم، فهو جاء ليخاطبهم بما يعرفون، لذلك قال (ياقوم)، والقوم لفظة تطلق على جماعة تتحدث بلغة مشتركة.

إعداد: رياض درار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.