أكد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار، أن هناك تنسيق مسبق وتحضير مستدام للهجوم المنظم على سجن الصناعة في الحسكة، وأشار إلى أن هذه الهجمات تهدف إلى تشويه صورة قسد والقوى الأمنية، وأوضح أن تزامنها مع الهجمات التركية لافت للانتباه
تنسيق مسبق وتحضير مستدام
وقال رياض درار في مستهل حديثه: “لا يمكن لمثل هذا الهجوم المنظم على السجن في حي غويران أن يتم بدون تنسيق مسبق وتحضير مستدام، أعتقد أنه أيضاً لنجاحه يحتاج إلى دعم واسع من أكثر من طرف”.
وأضاف: “هذه التحضيرات، رأيناها الشهر الماضي عبر محاولات تتحدث عن تفجير سيارات عند حدود السجن واقتحام، وقد تم القبض على تلك الخلية، بالإضافة إلى الأسلحة التي كانت تختزنها لإدخالها إلى السجن في حال التفجير، وبالتالي هذا الأمر تم تطبيقه في الحالة التي حصلت أخيرا في سجن الصناعة، أيضاً تفجير واقتحام ودخول أسلحة، وبالتالي الأمر الذي نتساءل عنه هو كيف تم التنسيق بين الداخل والخارج بهذه الطريقة”.
وأكد درار أن “التحرك الجديد لداعش وإعادة نشاطه في العراق وسوريا هو حدث لا يمكن أن يكون بلا أسباب موجبة وخاصة أن الخسارة التي مُنيت بها التنظيمات التي كانت تحكم في السابق في العراق تدعوها لأن تحرض داعش لتجد لها دوراً كما حصل في مرات سابقة عندما استعاد هذا الحشد الشعبي هيبته ووجوده تحت اسم محاربة داعش، فبالتالي أن إيقاظ الوحش من أجل قتله هو هدف من أهداف هؤلاء الذين يريدون استعاد الهيمنة على العراق بعد الخسارة التي تلقوها”.
تشويه صورة قسد وتزامن الهجمات التركية ملفت للانتباه
وحول أهداف هذه الهجمات، قال درار: “لها هدف هو الإشارة إلى أن هذه القوات لا تستطيع حماية المناطق والأماكن التي يُحتجز فيها عناصر داعش، وبالتالي فهي تعمل على تغيير الصورة لقوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن التي تحمي مناطق الاحتجاز، وهناك مصلحة على الأقل للجانب التركي الذي يعيش حالة تراجع اقتصادي كبير وانهيار”.
وأضاف في هذا السياق: “هذا النظام (تركيا) يريد أن يلفت الأنظار إلى صراع خارج الحدود يقوم بالتحريض له والتأهيل عبر كثير من العناصر المرتزقة التي تتبع له، وهو جزء من توافق جرى في آستانا في نسختها الأخيرة وينفذ بأكثر من وسيلة عبر أكثر من طرف، الشيء اللافت للنظر هو هذا التحرك المواكب للحدث الذي تقوم به القوات التركية عبر مُسيّراتها وعبر عناصرها المخربة بالهجوم على مناطق في تل تمر وفي عين عيسى، بالإضافة إلى القصف الذي يحصل على الأهداف التي تأتي من أجل المساعدة في حماية السجن والتفتيش عن خلايا داعش وعن الفارِّين”.
قوة كبيرة تدير
وأبدى درار استغرابه، قائلاً: “الشيء اللافت للنظر هو كمية السلاح التي تتوافر باستمرار لعناصر داعش وخلاياه التي لم تتوقف، ومهما كانت عناصر التهريب قوية، فلا يمكن أن تكون بهذه الكمية وهذه الحشود وهذه القدرة على التحرك، لولا قوة استطلاعية قادرة على القيام بهذا الدور، وهذا يوجه الأنظار أيضاً إلى جهة مستفيدة أيضاً مما يجري، وهي النظام “.
وأوضح درار في هذا السياق “إن تخريب الأجواء والفوضى التي يمكن أن تعم وتحصل هي من أساليب تغيير شكل المنطقة عبر إشارات عدم القدرة والضعف، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا إذا كان هناك تنسيق، ومهما كان نوع هذا التنسيق فهو يسعى إلى ضرب المشروع الذي استطاع أن يقضي على التنظيم في مراحل سابقة والذي يحتجز البقية الباقية من أعضاء هذا التنظيم”.
ماذا لو هرب جميع الدواعش من السجن؟
وحذر درار من فرضية هروب جميع عناصر داعش، قائلاً: “إن الفوضى التي تعم فيما لو حصل خروج عناصر داعش من أي مكان في أماكن احتجازهم، هذا أمر سوف يعيد دورة الصراع من جديد في المنطقة ويدخل العناصر التي تريد أن تتلاعب في مسار الحل السياسي، ويخرب محاولات الاستقرار”.
وأضاف: “في يوم سابق وفي سجن صيدنايا 2008 كان عدد المحتجزين 1300 شخص، وعندما قام استعصاء في السجن، واستطاع السجناء وأغلبهم متطرفون جهاديون أسر أكثر من 1200 عنصر بينهم ضباط وصف ضباط، وتم حصار السجن من قبل النظام، استمر هذا الحصار حوالي 11 شهراً حتى تم تقليصه بعد مفاوضات وعقوبات وضغط مستمر وقنص أدى لقتل أكثر من 100 سجين، حتى بقيت بقية صغيرة تم اقتحام السجن عليهم، بمعنى أن تجارب الاستعصاء داخل السجون بالنسبة لداعش معروفة وأيضاً بالنسبة للنتائج يعرفها النظام وله خبرة في إدارتها والتعامل معها”.
وتابع درار: “هذا النظام الذي يمكن أن يستفيد من هذه الفوضى على الرغم من أنه في تلك الأثناء لم يكن هناك سلاح داخل السجن، بل كان هناك مصنّعات يدوية، قاموا بصناعتها بما يمتلكه السجن من أدوات تصنيع خفيفة، سكاكين وسيوف ونبال وما إلى ذلك، أما الآن فهناك سلاح، وبالتالي هذا الذي وهب نفسه للموت ولا يفكر في الحياة مطلقاً، مستعد أن يقوم بكل الوسائل التي يقضي فيها على الآخرين وينتحر في نهاية الأمر دون أن يكون هناك أي تحكيم لعقل ودون أن يرفّ له جفن، فهؤلاء لا يقيمون وزناً للحياة، وبالتالي مثل هذه الفوضى يعتبرونها أهم إنجاز يعيشون داخله”.
المجتمع الدولي متخاذل
وحول موقف المجتمع الدولي، قال الرئيس المشترك لمسد: “هناك تخاذل كبير من المجتمع الدولي في مثل هذا التأخير لمحاكمات عادلة لهم، ولمساندة حقيقية من أجل توزيعهم إلى أماكن احتجاز بحيث لا يستطيعون التصرف بالطريقة التي جرت حتى الآن أمام هذا الكم الهائل الموجود في معتقل واحد”.
وأضاف: “إذا كان المجتمع الدولي ينتظر لحظة يتلاعب بها المتحكمون في مسار الأحداث في المنطقة من خلال هؤلاء، فاعتقد أن هذا المجتمع يرتكب إثماً كبيراً؛ لأن أي عدد قليل يفلت من هذا الاحتجاز سوف يرتكب كل الجرائم دون أن يهتم بقانون أو إنسانية أو بمرجعية والمجتمع الدولي في كل مكان مسؤول وفي كل مكان يتحمل النتائج التي تحصل من مثل هذا التحرك الذي ساهم إهمال هذا المجتمع في تجديده”.
الجميع يتهرب من إقامة محكمة دولية
وحول مساعي مسد لإنهاء هذه المعضلة، قال رياض درار: “لم تتوقف مساعي مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في البحث عن وسيلة لإقامة محكمة لعناصر داعش المحتجزين، في اللقاء مع قوى المجتمع المدني للضغط ومع وزارات خارجية لتبني الموقف كان الجميع يتهرب ولا يأخذ قراراً في هذه المسألة”.
وأضاف: “يمكن للمجتمع الدولي اليوم أن يعيد حسابه بعد هذا الذي يجري، ويبدأ العمل بمحاكمة هؤلاء الدواعش وإعطائهم الأحكام التي يستحقونها، لابد من الوصول إلى حسم لهذه الملفات؛ لأن فيها قضايا إنسانية كثيرة تحتاج أيضاً إلى رعاية الأطفال ورعاية الأسر والاهتمام بها عبر كل الوسائل التي تعيد لهم تأهيلهم بعد أن زُرع بأدمغتهم نموذج الفكر المتطرف ومازال البقية الباقية لمن يعيشون، سواء في المخيمات أو داخل أماكن الاحتجاز، يزيدون من زراعة هذا الفكر المتطرف في أذهان بعضهم البعض، وفي أذهان الأطفال عبر النساء الداعشيات، هذا كله من أسوأ الأمور التي تعدنا في المستقبل بأسوأ الاحتمالات، وأصعب المواجهات”.
تحرير: أسامة