اليوم بعد العصر وعند ذهابي لأحد المطاعم لاستلام وجبة إفطار لعائلة محتاجة ضمن برنامج فطوركم علينا لفت نظري مجموعة من الأشخاص وهم يأكلون ويشربون جهارا نهارا دون ذرة إحساس أو احترام للشهر الفضيل تذكرت كلام لأحد اليهود وهو يتحدث عن حياته خلال شهر رمضان المبارك عندما
يقول:
في أحد أيام رمضان في دمشق كان يأتينا الطعام من كل بيت مسلم فذاك يعطينا الطبخ وآخر يعطينا اللبن وثالث يعطينا الخضار والفواكه والرابع يعطينا شوربة أو لبنية كان بيتنا مزاراً لأطفال وبنات ونساء جيراننا المسلمين القادمين لنا بأصناف الطعام وكانت أمي تجعلنا نصوم مع المسلمين بالرغم من أننا لسنا صائمين كانت ترفض طبخ الغداء في بيتنا حتى لايشم رائحة الطبخ جيراننا المسلمين الصائمين وكانت أمي تنتظر حتى يبدأ المسلمون في طبخ فطورهم فتطبخ لنا معهم
كانت تحذرني بعدم الأكل في الشارع أمام الصائمين كنت أخرج في عصر رمضان أتمشى في سوق الشاغور و أشاهد الزحام على بائعي الخضار والفواكه كان المسلمون يشترون ويعطوني وإن رفضت يجبروني على أخذها كنت أحس بالسعادة وكنت أشعر أني مسلم نسيت ديانتي معهم وكنت أذهب إلى أماكن بيع اللحوم ومحلات سلخ الدجاج انظر إليهم وهم يسلخونها
وفي يوم أعطاني مسلم ٣ حبات سمبوسك لم أقاوم رائحتها ولم أنتظر حتى أعود للبيت وآكلها بل أكلتها في الشارع فصاح من حولي أطفال الحارة: فاطر فاطر
ذهبوا إلى أمي وأخبروها أني فاطر فأخذت خيزرانة وضربتني أمامهم وأدخلتني إلى البيت ووبختني ومنعتني من الخروج لمدة أسبوع لأنني لم أحترم مشاعر وشعائر المسلمين
وعندما سمحت لي بالخروج بعدها كانت تفتشني خشية أن أكون قد أخذت معي كسرة خبز أو شربة ماء
لقد عشنا في احترام متبادل لاتفرقه دينية ولا خلاف
لم أجد اليوم ذلك الحب والاحترام الذي وجدناه من جيراننا المسلمين ورغم أنهم لم يكونوا أثرياء بل بسطاء إلا انهم سعداء ومرتاحون وراضون بما معهم كانوا أغنياء بأخلاقهم وبأنفسهم العزيزة وبتعاملهم الراقي والإنساني معنا
اليوم أنا في المهجر في بلاد غير بلادي إنها إسرائيل أرض الميعاد كما أخبرني بها والدي حين كنا ذاهبين إليها
أجد نفسي اليوم غريباً بين قوم هم أصلاً ديانتهم نفس ديانتي لكن معاملتهم وأخلاقهم غير تلك التي عرفتها بين أهلي ووطني الحقيقي أرض الطيبين والمتسامحين
نحن هنا غرباء كرهائن في أرض ليست لنا ولاتهتم بنا إلا من باب أنها أرض اليهود ومجتمعهم لكني أشك في ذلك وأظن أني ووالدي وأسرتي أخطأنا الطريق عندما تخلينا عن عروبتنا وأصولنا الدمشقية العريقة وانتمينا إلى شعوب من غير جلدتنا وكما يقول المثل الدمشقي الأصيل من خرج من أرضه ظلم نفسه.
فمتى يشعر هكذا أناس أن رمضان ليس للمسلمين فقط بل هو شهر المحبة والتسامح فلا تكن عجلا حاقدا على دين أرسله ليكون للعالمين.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى