على أنقاض أوكرانيا يستعيد بوتين أمجاد السوفييت

ظهور الإمبراطوريات قائم على زوال سابقاتها، “وتلك الأيام نداولها بين الناس”، الحرب العالمية الأولى نشأت بين إمبراطوريات أفلت وأخرى نشأت، كانت الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس و الإمبراطورية العثمانية و روسيا القيصرية. كانت دول قوية إلا أن قامت صراعات وبدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 و انتهت في عام 1918.

 

تشكل عالم جديد وطمس عالم وامبراطوريات

 

ظهرت في أوربا قوى جديدة، بدأت القوى الأمريكية تتشكل وظهرت القوى اليابانية والقوى الألمانية والإيطالية وانتهت قوى روسيا القيصرية وبدأت روسيا البلشفية، عندما اعتنق لينين المذهب الماركسي الشيوعي عام 1917.

هذا التشكل في أنظمة سياسية مخالفة في المعتقد عن النظام السياسي الآخر، على سبيل المثال ألمانيا تشكل فيها نظام سياسي نازي وهو سيطرة العرق الآري “ألمانيا فوق الجميع” بقيادة هتلر في الثلاثينيات.

وفي إيطاليا تشكل النظام الفاشست أو “الفاشي” بقيادة موسوليني قريب من النازية ولكنه أقل حدة منها.

أما في آسيا تشكلت قوة يابانية بقيادة هورهيتو، لايستهان بها، قريبة من الفاشية والنازية، نتيجة صراع القوى الأوربية فيما بينها بسبب المعتقدات والأنظمة السياسية المخالفة، تركيا وروسيا القيصرية أفلت وظهرت قوى جديدة. في أواسط الثلاثينيات أشعل هتلر النازي شرارة الحرب العالمية الثانية عندما أعلن ألمانيا فوق الجميع، بتحالف ألماني ياباني إيطالي أعلن الحرب على بولندا ثم النمسا ثم المجر وتبعها دول أخرى مستضعفة، لابد من أن يكون هناك طرف آخر مقابل التحالف، ولابد من وجود تحالف لردع المعتقد هذا لأنه اليوم هم ونحن غداً، ظهر التحالف الإنكليزي الفرنسي، فكانت الحرب العالمية بين الحلفاء والمحور.

الحلفاء “بريطانيا وفرنسا” والمحور “ألمانيا وإيطاليا و اليابان”.

هنا انضمت روسيا الشيوعية إلى جانب الحلفاء.

 

كيف لروسيا الشيوعية أن تتحالف مع الرأسمالية في فرنسا وبريطانيا؟!

 

أنظمة سياسية متخالفة في إدارة الدول، فالشيوعية نظامها إشتراكي والأرض مشاع وهي التي تقوم بالتوزيع على الشعوب” الأرض لمن يعمل بها”، بينما الرأسمالية مختلفة تماماً أنا أدير شؤون الدولة ومن يملك الأرض له الحق بالتصرف بها، اختلاف في النظم الإقتصادية، ولكن متحدون في مجابهة العقائد المخيفة التي جاءت بها دول المحور، “أنا السيد وأنت العبد”، نتيجة ذلك تحالفت روسيا البلشفية مع بريطانيا وفرنسا.

أمريكا كقوى ناشئة لم تدخل الحرب، لكن عندما قصفت اليابان بناء “بيرهارفل” في أمريكا هنا وجب أن تدخل الحرب مع بريطانيا وفرنسا.

لتصبح الحرب بين دول الحلفاء “أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا” ودول المحور” اليابان والطليان والألمان”.

1940 انتهت الحرب العالمية الثانية بإنتصار الحلفاء على المحور، جلس المنتصرون جوزيف ستالين “روسيا – فرانكلين روزفلت “أمريكا_ وينستون تشرشل “بريطانيا_ شارل ديجول” فرنسا.

خريطة العالم أمامهم، المنتصرون هم من يرسمون العالم، ويضعون التاريخ.

 

تقسيم العالم وظهور أنظمة وأحلاف جديدة

 

وبينما هم يتقاسمون ويرسمون الحدود، كانت ألمانيا على الخارطة وكان لابد من قسمتها لنصفين، ألمانيا المعسكر الغربي “ألمانية الغربية عاصمتها بون، وألمانيا المعسكر الشرقي” ألمانيا الشرقية عاصمتها برلين.

بعد التقسيم المتفق عليه من قبل المنتصرون ظهرت عصبة الأمم المتحدة و مجلس الأمن والمنظمات الدولية وصارت الأحلاف، الحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والحلف الشرقي بقيادة روسيا.

أدى هذا التقسيم وظهور التحالفات إلى نشوب الحرب الباردة، وسباق التسلح وكل يحاول إنهاء الطرف الآخر بطرق اقتصادية أو إعلامية أو اجتماعية… لكن بدون إطلاق رصاصة واحدة.

المعسكر الغربي حلف الناتو الذي يضم أوربا الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد السوفييتي بقيادة جوزيف ستالين بتوحيد 15 جمهورية وأسماه حلف وارسو،

كان الصراع بين الحلفين صراعاً اقتصادياً، حتى تم تفكييك الإتحاد السوفيتي على يد حلف الناتو، نتيجة فشل السوفييت بإدارة شؤون الدولة، نتيجة قطاع العام، العالم الغربي نجح اقتصادياً وقاموا بحصار الإتحاد السوفييتي بالستار الحديدي، وانزلاقه في حرب أفغانستان، التي كانت بين أفغانستان واوزباكستان إحدى دول حلف وارسو، ليدخل السوفيت بحرب خاسرة مع أفغانستان، حيث قام الناتو بتحشيد عسكري بقيادة أسامة بن لاند ومقاتلين عرب و دعمهم عسكرياً بصواريخ ستنغر وجافلنز ومضادات الدروع، على الجبال قامت حرب العصابات لمدة 20 عاما أنهكت السوفيت وتفكك في عام 1991.

تصارع القطبان الشرقي والغربي انتهى بتفكك القطب الشرقي وبقي القطب الغربي “الناتو”.

 

نهاية وبداية و ظهور الدب الروسي

 

تَسلمَ بوريس يلتسن انقاض الإتحاد السوفيت المنهار المتمثل بروسيا منهارة اقتصادياً، ديون، فساد، إلى أن جاء الرجل الحديدي “فلاديميروفيتش بوتين” ‏وهو سياسي روسي وضابط مخابرات سابق، قام بإعادة هيكلة الدولة و بنى قوات عسكرية هائلة، ورث السلاح النووي من الإتحاد السوفييتي، وقام بتحسين مفاصل الدولة للحاق بركب الغرب، وأصبح ندا لا يستهان به.

“في العودة ل 400 _500 عام مساحة روسيا تعادل 10٪ من مساحة العالم، تضم شعوباً تتارية وإسلامية ومختلطة فقط مقاطعة موسكوفيا توجد فيها الطائفة الارثذوكسية، وهم قلة، إبان الحكم العثماني كانت روسيا عبارة عن ولايات إسلامية تضم جميع الأعراق والأثنيات.

وكانت #أوكرانيا جزء من الدولة الروسية القديمة، خلال فترة روسيا القيصرية وحكم إيفان الرهيب، وكانت #كييف هي مركز الدولة القيصرية.”

أما في نظم القوى العالمي” فائض القوى” يشرع لنفسه بالتوسع خارج دولته، انتهج بوتين هذا النهج محاولاً استعادة أمجاد الإتحاد السوفيتي.

 

بوتين وشيشانيا

 

“شيشانيا” ضمن الإتحاد السوفيتي حاولت الخروج من العباءة الروسية، لكن لم تستطع فقام بتدميرعاصمتها غروزني، وتعيين قديروف حاكم موالي له تحت عبائته وتابع للكرملين بحكم ذاتي، ومثيلاتها أنغوشيا وبشكيريا، روسيا البيضاء، موسكوفيا، ملدوفيا ودويلات تابعة لروسيا الإتحادية.

من ضمن إنتهاج بوتين وحربه على الشيشان اليوم يريد العودة لغابر الزمان واحتلال أوكرانيا لكونها فيما سلف دويلة في روسيا القديمة، متذرعاً بالنازيين.

لكن أوكرانيا اليوم دولة مستقلة لها جيشها ولها حدودها وحصلت على استقلالها ولها قوتها التي لا يستهان بها، وتغازل الغرب باقتصادها وانتخاباتها وإمكانياتها، استقبلت الغرب واستدبرت الشرق، كلها حجج وأعذار جعلت من بوتين يغزو جارته، وفي السياسة المعلن ضد المخفي،

في الحرب الروسية الأوكرانية الناتو يرفض ويندد لكنه في باطنه فرح وغبطة لأنه يعلم إنها نهاية روسيا الإتحادية، ويعمل على إنزلاقه أكثر في هذه الحرب، مستعيداً الإتحاد السوفيتي بحربه مع أفغانستان.

 

بوتين وزيلينسكي ند لند

 

الآن تدور رحى الحرب في أوكرانيا ويعمل الغرب على أن تطول مدى الحرب لإنهاك روسيا بدعم الأوكرانيين والفصائل المقاتلة ضد روسيا حتى وإن كانو شيشان و مقاتلين عرب ومن ضمنهم سوريين تم زجهم في هذه الرحى بدعم عسكري إن كان بصواريخ ستنغر وجافلين ومضادات دروع، بوتين وجيشه مدرك لهذا الأمر ليس بالرجل الغبي، لكنه كان معتقد أنها حرب خاطفة وستنتهي خلال 72 ساعة، لن يتمكن الغرب من نصب فخ له في أوكرانيا وجره لمستنقع الهلاك.

الآن الروس بورطة حقيقية ومأزق عظيم، منذ دخوله لأوكرانيا إلى الآن يتكبد الخسائر واحدة تلوى الآخرى ولم يستطيع السيطرة على #كييف ولا حتى مراكز حيوية أخرى.

ونتيجة إيمانهم بالحروب الإقتصادية، إنه بالحروب الإقتصادية تنهار الدول، خُطط إنه بدخوله الحرب مع أوكرانيا سيقضون على الروس بالإقتصاد، أوكرانيا تواجه بالعدة والعتاد والغرب بالإقتصاد، فمنذ الغزو انهالت العقوبات الإقتصادية الهائلة تمثلت بحصار اقتصادي وخروج البنوك الروسية من نظام سويفت للتحويلات المالية، وإغلاق المجال الجوي الروسي للطيران المدني، وحصار الشركات وتجميد الأموال في المصارف الأوربية واليابان، اُستنزفت روسيا اقتصادياً بعد 48 ساعة من الغزو حتى بلغ الروبل الروسي 148 مقابل الدولار.

روسيا التي تعتمد اعتمادا كليا على الغرب في الموارد فهي لم تفلح فقط بصناعة الأسلحة قد عرضت نفسها لتهلكة بهذه الحرب من خلال العقوبات الإقتصادية، حتى خرج الدب الروسي قائلاً: “العقوبات المفروضة على روسيا تعتبر بمثابة إعلان حرب”.

بهذه العقيدة الغربية المتمثلة بحرب عصابات داخل أوكرانيا، وحرب اقتصادية من الخارج، على المدى البعيد لعشر سنوات أو عشرين سنة

-سياسة الدول ليست وليدة اللحظة، سياسة قصيرة لعشر سنوات و سياسة متوسطة تمتد لعشرين أو خمسة وعشرين سنة، والسياسة البعيدة لخمسين سنة وما فوق-

لذلك ترجيح الغرب على المدى المتوسط والبعيد مثلما تفكك السوفيت سيتفكك الإتحاد الروسي.

 

حرب استنزاف وصراع المواجهة

 

الدب متخبطاً فهو يستنجد ويغازل الصين وإيران والدول المناصرة لحربه، ويحاول فتح قنوات دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بتنزيل سقف مطالبه بإنه يستولي على نصف أوكرانيا أو تغيير نظام الحكم فيها أو نزع السلاح من أوكرانيا وجعلها محايدة لا تنحاز للغرب ولا يتم قبولها في حلف شمال الأطلسي.

كلما طالت الحرب طال الاستنزاف للروس.

علاناً جهاراً قالها حلف الناتو ” نحن لن ندخل في حرب مع روسيا”، لكن باعتقادي حاربها بوساطة أوكرانيا عن طريق زج كل الأطراف المتخاصمة مع روسيا إن كان سياسيين أو من المعارضة السورية، باعتقادي وبحسب الوقائع على أرض المعركة نهاية روسيا الإتحادية ستكون في أوكرانيا.

 

خاص وكالة BAZ

إعداد وتحرير:  حلا مشوح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.