يعتبر المقهى ذاكرة دمشق وحكايا تطول تزخر بقصص من الماضي التليد فقد انتشرت فيها عدد كبير من المقاهي التي تعود بمعظمها للقرن التاسع عشر الميلادي وهذه المقاهي حسب زبائنها فهناك مقاه للحرفيين وأخرى للتجار لكن الأكثر شهرة هي المقاهي التي يرتادها المثقفون والفنانون والأدباء فلا تكاد تخلو حواري دمشق القديمة من مقهى
لكن مقهى النوفرة في قلب دمشق القديمة الضاج بالحياة وصخبها أحد هذه المقاهي التي تجذب بعراقتها وحفاظها على ملامحها دونما تغيير كبير الزوار لموقعها الرائع في قلب الشام القديمة
فلكي تصل إلى النوفرة يجب أن تخترق سوق الحميدية لترى الدكاكين المنتشرة فيه وما تحويه من معروضات متنوعة من ملابس ومفروشات ومحلات العطارة والحلويات وما أن تتعب من السير في السوق وتتعب من التسوق تجد في أسفل الدرج مقهى النوفرة لكي تستريح فيه فتستطيع أن تعرف المقهى الذي يرجع تاريخه لأكثر من ٥٠٠ عام من الزحام الذي يميزها ومن عتباتها الثلاث وشرفاتها التي يشتهر بها وإطلالته على الجامع الأموي فتتسع الصالة الداخلية فيه إلى ٢٥ طاولة ليجلس على كل واحدة منها أربعة أشخاص أما الصالة الخارجية فتتسع ١٣ طاولة يجلس على كل منها شخص واحد فقط ويفضلها الزوار للاستمتاع بمشاهدة العابرين إلى الجامع الأموي والمتسوقين والسياح
و مقهى النوفرة يطل على الجامع الأموي وأحد أبوابه الرئيسية ويرتبط تاريخياً بوجود نافورة كانت في ذلك المكان حية من خلال نهر يزيد الذي كان يمر من هناك.
فأجمل مآثر مقهى النوفرة العريق حفاظه على عادة الحكواتي القديمة فقد كان الناس يجتمعون ليلاً للسمر والاستمتاع بقصص البطولة العربية كما يرويها الحكواتي الذي يتخذ مجلسه كل ليلة رمضانية محاولاً تطريز القصص الشعبية بفيض من خياله الواسع مستمتعاً بحالة الانبهار والدهشة التي يحدثها في نفوس الجالسين
وعدد المقاهي في دمشق تراوح في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ١٢٠ مقهى منها مقهى السكرية والقماحين اللذان يقعان في باب الجابية ومقهى العصرونية والرطل في باب توما وجاويش في القيمرية وغيرها الكثير لكن أغلبها لم يعد موجوداً وتغيرت أنشطتها التجارية عكس مقهى النوفرة الذي لايزال يرفل بعبق الماضي وحكايا عنترة بن شداد والظاهر بيبرس ومقولة:قال الراوي ياسادة يا كرام ليعيد إلى ذاكرة مستمعيه تاريخ تليد لأمة أضاعه شبابها بتناحر بين مشجعي الريال وبرشلونة والمسلسلات الهندية.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح