ابن خلدون يتكلم اليوم

لقد  كتب في مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر الميلادي وكأنه يتحدث عن زماننا اليوم فقال :
عنـدمــا تـكثــر الجبــايـة تشرف الدولة على
النهـايــة
وعندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون
والمنافقون والمدّعون.. والكتبة والقوّالون
والمغنون النشاز والشعراء النظّامون.. والمتصعلكون وضاربو المندل
وقارعو الطبول والمتفيهقون أدعياء المعرفة
وقارئو الكفّ والطالع والنازل والمتسيّسون والمدّاحون والهجّاءون وعابرو السبيل والانتهازيون.
فتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط
يضيع التقدير ويسوء التدبير
وتختلط المعاني والكلام
ويختلط الصدق بالكذب
والجهاد بالقتل
وعندما تنهار الدول يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف
وتظهر العجائب وتعم الإشاعة
ويتحول الصديق إلى عدو  والعدو إلى صديق
ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق
وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي وجوه مؤنسة
وتشح الأحلام ويموت الأمل
وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه
ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقا
وإلى الأوطان ضربا من ضروب الهذيان
ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء
والمزايدات على الانتماء.
ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين
ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة
وتسري الشائعات عن هروب كبير
وتحاك الدسائس والمؤامرات
وتكثر النصائح من القاصي والداني
وتطرح المبادرات من القريب والبعيد
ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته
ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار
ويتحول الوضع إلى مشروعات مهاجرين
ويتحول الوطن إلى محطة سفر
والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب
والبيوت إلى ذكريات والذكريات الى حكايات.

إعداد مروان مجيد الشيخ عيسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.