سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
إن ظاهرة الهجرة في بلدان المنطقة تبدو في ازدياد خلال الأعوام الماضية، وإن كان أخطر أنواعها شيوعا، هي تلك الهجرة غير الشرعية، بما تمثله من خطر على حياة الشباب الذي يقدم عليها، إذ لا يكاد يمر شهر دون ورود أخبار عن غرق مجموعات من الشباب العربي عامة والسوريين خاصة ، فيما بات يُعرف بقوارب الموت وهي في طريقها بحرا إلى سواحل أوروبا التي يعتبرها الكثيرون بر الأمان.
نسب الأشخاص الذين ينظرون إلى بلدانهم بشكل سلبي ويرغبون في الهجرة تعتبر عالية جدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يُعبّر أكثر من نصف سكان هذه المناطق عن نظرة سلبية لمستقبل بلدانهم، و52 بالمئة يعتقدون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ لأسباب تتعلق بالظروف الاقتصادية المتردية والأوضاع السياسية غير المستقرة كما هو الحال في سوريا.
من هنا لابد من طرح بعض التساؤلات، لفهم سياق نظرة هؤلاء الشباب العربي تجاه بلدانهم، ومسألة الهجرة التي لها أهمية خاصة في السياق العربي المعاصر، لا سيما من حيث ارتباطه بفئة عمرية، اجتماعية تمثّل قلبه النابض ورهانه الرئيسي لرفع التحديات المستقبلية التنموية والتحررية؛ إذ إن ازدياد هجرة الشباب العربي في العصر الحديث، أضحت أزمة في محيط العالم العربي، من حيث خطر نقص المواهب البشرية من جيل الشباب.
العاملان الاقتصادي والأمني هما أبرز العوامل التي تدفع المواطنين العرب للهجرة من بلدانهم بشكل عام، ولا تُعد بلدان المنطقة العربية استثناء في ذلك، بل إنها قد تتوافر بها أقسى عوامل الهرب التي تدفع الشباب دفعا إلى الهجرة، إذ لا يمكن التغاضي عن الأزمات التي حلت في المنطقة العربية من النزاعات والحروب عملت على مضاعفة معدلات الهجرة، فالشباب العرب يرغبون في تأمين مستقبلهم ورسم حياتهم بالشكل الذي يليق بهم، ومن هنا اتجهوا للهجرة إلى الدول الأوروبية، بالنظر إلى أنها الخيار الأفضل.
كما أن المشكلات الاجتماعية من العوامل المحفّزة أيضا على الهجرة، مقابل الحوافز التي تقدمها الدول الأجنبية لاستقطاب الموارد البشرية العربية، خاصة شريحة المثقفين وخريجي الجامعات، أي الأدمغة والعقول. كما أن العديد من الراغبين في الهجرة أو مَن هاجروا بلغوا حالة اليأس من تحسّن ظروف حياتهم في بلدانهم، لا سيما بعد جملة الأزمات المضطربة في العديد من البلدان، وأقوى الأمثلة سوريا والعراق وتونس، وأبرزها الوضع السياسي والاقتصادي والتعليمي الرديء.
هذا وتصدرت الاحتياجات الاقتصادية قائمة أولويات مواطني المنطقة بنسبة 60 بالمئة. فالبطالة وارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع الاقتصادية والفقر هي أهم التحديات التي تواجه بلدانهم.
في المقابل، فإن 16 بالمئة ممن يرغبون في الهجرة بدافع التعليم أو الاستمرار في التعليم، تشكل 11 بالمئة عن رغبتهم في الهجرة لأسباب سياسية أو أمنية.
كما وسُجّلت أعلى نسبة للراغبين في الهجرة بالمشرق ووادي النيل بنسبة الثُلثين، ثم المنطقة المغاربية بنسبة الثلث، مقابل 6 بالمئة فقط في بلدان الخليج. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن مؤشر الرغبة في الهجرة لدى مواطني المنطقة العربية يسير في اتجاه تصاعدي، إذ كان في حدود 22 بالمئة خلال عامَي 2019 و2020، لينتقل إلى 28 بالمئة في 2022.
أما بالنسبة للذين يرون أن بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح، فقد أفاد 19 بالمئة منهم بأن السبب راجع إلى الأمن والأمان في بلدانهم، ويعزو 13 بالمئة منهم السبب إلى الحكم الرشيد، و7 بالمئة منهم إلى تحسّن الوضع الاقتصادي، و5 بالمئة منهم إلى توفر الاستقرار السياسي، و5 بالمئة منهم إلى الشعور بالتفاؤل في المستقبل.
هذا وتصدرت دول منطقة الخليج العربي قائمة البلدان التي ترى شعوبها أنها تسير في الاتجاه الصحيح بنسبة 89 بالمئة، تليها دول المنطقة المغاربية بنسبة 41 بالمئة، ثم منطقة وادي النيل التي تشمل مصر والسودان بنسبة 31 بالمئة، ثم المشرق العربي التي تشمل فلسطين ولبنان والأردن والعراق بـ 14 بالمئة.
أما بالنسبة للسوريين فهم في حالة ضياع فالجميع يبحث عن طريقة للهروب من الواقع المزري الذي تعيشه البلاد منذ عهد حافظ الأسد.