تعقيدات المشهد السوري والمتغيرات التي تطرأ على قضية استمرت 11عاما

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

تحمل بداية العام 2023 محطات وملفات معقّدة على صعيد المشهدين السياسي والميداني السوري، في وقت يغيب فيه أفق حل الأزمة ووقف الحرب التي تفاقم يومياً معاناة السوريين، سواء القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة أو النظام. ويعيش هؤلاء في العامين الأخيرين ظروفاً هي الأسوأ على الإطلاق، في ظل الغلاء وندرة المواد التموينية وضعف المدخول، ما يجعل الواقع المعيشي أقرب للكارثي.

ويشكل التقارب الناشئ بين تركيا ودمشق بتشجيع من روسيا أقوى حلفاء بشار الأسد، انعطافة في العلاقات التركية السورية بعد سنوات من العداء والتوتر من شأنها أن تعيد تشكيل المشهد في الصراع السوري، لكن هناك عقبات من بينها مصير المعارضين المسلحين الذين تدعمهم أنقرة ومصير ملايين المدنيين الذين فر الكثير منهم للحدود التركية هربا من حكم الأسد.

ويطرح هذا التقارب أسئلة ملحة في خضم مشهد شديد التعقيد خاصة وأن تركيا ألقت بثقلها خلال السنوات العشر الماضية في تشكيل فصائل سورية مسلحة ودعمتها ماليا وعسكريا وبعضها فصائل متشددة دينيا.

وإلى جانب مصير هذه الفصائل، تطرح أيضا نقاط استفهام حول كيفية تسوية الوجود العسكري التركي في شمال سوريا وما إذا كانت تركيا تخطط لسحب قواتها وما اذا كانت أيضا ستتحالف مع النظام السوري ضد قوات سوريا الديمقراطية وهي قوة شديدة التسليح ونجحت في بناء جيش منظم ومدرب بدعم من الولايات المتحدة.

وقال مسؤول تركي كبير إن المحادثات التي عقدت بين وزيري الدفاع السوري والتركي في موسكو تم خلالها مناقشة أمن الحدود وسبل التحرك المشترك مع تركيا ضد المسلحين ، في ما يمثل منعطفا في العلاقات بين الدولتين ويسلط الأضواء على تقارب بين دمشق وأنقرة بعد الخصومة.

فالاجتماع الذي عقد بين وزراء الدفاع هو الأرفع بين الجانبين منذ بدء الحرب السورية قبل أكثر من عقد. ولعبت تركيا دورا كبيرا في الصراع من خلال دعم معارضين لبشار الأسد وتوغل قواتها في الشمال السوري.

ووصف المسؤول التركي الاجتماع بأنه إيجابي. وكان في ذلك تأكيد لمضمون بيان صدر عن وزارة الدفاع السورية بعد الاجتماع الذي حضره أيضا وزير الدفاع الروسي ورئيسا المخابرات السورية والتركية، اللذان عقدا لقاءات متكررة في الأشهر القليلة الماضية.

وكان قد قال المسؤول التركي لرويترز بعد أن طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث علنا عن الأمر “تمت مناقشة كيفية تحرك الجانب التركي بشكل مشترك ضد قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم (د ا ع ش) من أجل ضمان وحدة الأراضي السورية ومحاربة الإرهاب، مضيفا تم التأكيد على أن أولوية تركيا هي أمن الحدود، حسب قوله.

وفي تصريح قال بدران جيا كرد وهو مسؤول بارز في الإدارة الذاتية في الشمال السوري إنه يتوقع أن تسفر الاجتماعات عن مرحلة جديدة من الاتفاقات والخطط لكنه وصفها بأنها ستكون معادية لمصالح السوريين، مضيفا أنه يخشى أن يوجه ذلك ضربة للمكاسب التي حققها الإدارة الذاتية، في شمال وشرق سوريا.

ونفذت تركيا ثلاث عمليات توغل في الشمال السوري كانت تستهدف بالأساس قوات سوريا الديمقراطية في أغلب الشمال السوري مع بداية الحرب في 2011.

وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية تهديدا لأمنها القومي ، وهددت بتنفيذ توغل جديد بعد هجوم بقنبلة أسقط قتلى في إسطنبول الشهر الماضي.

واعترضت روسيا والولايات المتحدة على ذلك إذ اشتركت كل منهما مع قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها أبناء شمال شرقي سوريا في محاربة تنظيم (د ا ع ش) .

وعلى الرغم من وقوع اشتباكات عرضية، ظلت دمشق بمنأى عن قوات سوريا الديمقراطية بعضهما خلال الحرب كما أن لهما أعداء مشتركين من ضمنهم جماعات مدعومة من تركيا.

لكن دمشق تعارض مطالب الإدارة الذاتية ولم تسفر المحادثات الرامية لتسوية سياسية عن تحقيق تقدم.

ولم يكن التقارب التركي السوري واردا في وقت سابق من الصراع الذي تسبب في مقتل مئات الآلاف واجتذب العديد من القوى الأجنبية ومزق سوريا.

ووصف أردوغان الأسد من قبل بأنه إرهابي وقال إن السلام لا يمكن أن يتحقق في سوريا بوجوده بينما وصف الأسد أردوغان بأنه لص لأنه سرق أراضي سورية.

ونقلت صحيفة موالية عن مصادر قولها إن اجتماع وزيري الدفاع لم يكن ليعقد إذا لم تكن الأمور تسير في طريق مقبول ووفقا لما تريده دمشق خلال الاجتماعات السابقة.

وذكرت وكالة موالية نقلا عن مراسلها أن الجانبين ناقشا “جهود محاربة الإرهاب والأوضاع في سوريا ومسألة اللاجئين” خلال الاجتماع.

وأضافت الوكالة الرسمية أن الوزراء الثلاثة أكدوا على “ضرورة وأهمية استمرار الحوار المشترك من أجل استقرار الوضع في سوريا والمنطقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.