سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
مقالة للمعارض السوري محيي الدين اللاذقاني، صحفي وكاتب وشاعر سوري. ولد في قرية سرمدا قرب حلب. حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الإسكندرية. ثم عمل في الصحافة في الدول العربية والمهجر، وعُرِف بكتابته لعمود يومي بعنوان طواحين الكلام الذي كتبه في أكثر من صحيفة عربية. استقرّ في لندن منذ أوائل الثمانينات. له عدة دواوين الشعريّة ومؤلفات في الأدب .
ويقول في مقال له: لماذا نخجل من التعصب لمصالحنا، ويخرج من صفوفنا من يبرر لتركيا كل ما تفعله بحجة أنها تدافع عن مصالحها، ولكن ماذا عن مصالحنا نحن؟ أليس من مصلحتنا بعد أن وصلت الامور الى الانفتاح التركي على بشار الكيماوي أن نسارع إلى فتح قنوات حوار جريئة بين الشمال الشرقي ، والشمال الغربي من سوريا؟
واذا كان أردوغان لا يحب الأكراد عموما ، ويخاف منهم على أمنه القومي كما يقول ، فهذه ليست قضيتنا لأن أغلبية أكراد سوريا مع السقف الوطني السوري ، وهاهم اليوم يمدون أيديهم علنا وفي بيان مكتوب للحوار مع جميع مكونات الشعب السوري على الثوابت التي قامت من أجلها ثورةالحرية والكرامة في سوريا .
ولمن لم يتابع الاحداث بدقة إليكم هذه الفقرة من بيان مجلس سوريا الديمقراطية الصادر أمس ، والذي يدعو لاسقاط التحالف الاردوغاني – الأسدي الجديد ” نعلن ان يدنا ممدودة و عقولنا منفتحة وأراضينا مرحبة بكل سوري حر يرى أن مستقبل سوريا وحرية شعبها تحوز الأولوية القصوى على كل ما عداها وأن لا مصلحة ولا حق فوق مصلحة وحق الشعب السوري، وندعو لمواجهة هذا التحالف وإسقاطه، وإلى توحيد قوى الثورة والمعارضة بوجه الاستبداد وبائعي الدم السوري على مذبح مصالحهم.”
بهذه الروح التي يبديها البيان يمكن لشخصيات وطنية وتيارات سياسية سورية أذهلتها الإستدارة التركية للصلح مع نظام القتلة أن تتجاوز الخلافات الزائفة المفتعلة التي كرسها النظام والأتراك معا ، وأن تمد يدها لحوار وطني شامل وتلتقي مع أخوة لها في الوطن في حوار علني مفتوح يمكن أن يفضي إلى توحيد شرق الفرات مع غربه .
وثقوا أن وحدة الشمال الشرقي ، والشمال الغربي لسوريا ستكون مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ، ودول أوربية فاعلة ، فهذه الدول أدركت أن تركيا استولت على قرار المعارضة السورية المقيمة في حضنها ، وصادرته لمصالحها ، ومعظم هذه الدول تنتظر مبادرة قابلة للتحقق من شخصيات وطنية على قدر من المصداقية والنزاهة من الطرفين لتدعمها ، وتجعل منها خطوة كبرى نحو حل سياسي ينتظره الجميع .وكلهم يعرفون أنه لا يمكن أن ينطلق هذا الحل إلا بموافقة الولايات المتحدة الأميركية التي تمسك بتوازنات المنطقة .
ليدافع الاتراك عن مصالحهم ، فنحن نقر لهم بذلك ونشجعهم عليه لكن عليهم أن يدركوا في الوقت نفسه أننا لا يمكن أن نساوم على مصالح شعبنا، ولعل مظاهرات الأمس المجيدة قد أقنعتهم أن مصلحة الشعب السوري لا يمكن أن تكون أبدا مع نظام القتلة في دمشق ، ولا مع يطبع معه ، ويغض الطرف عن جرائمه ومجازره الفظيعة بحق السوريين جميعا.
فكلام اللاذقاني ينم عن حب البلد، وجميع السوريين، على اختلاف قومياتهم ومشاربهم، فسوريا تاريخيا لم تكن لفئة ولا لعائلة، بل كانت مثالا للحياة الحرة الأبية، فكلنا مع سوريا موحدة، سوريا لكل السوريين.