الحسكة – مروان مجيد الشيخ عيسى
العلم أساس بناء الحضارات، به تُبنى البلاد وينضج العباد، وعليه فإنّ التعليم مجال أساسي، يجب أن تُوليه الدول اهتمامها وتُنفق عليه الأموال، فالمعلّم أساس العملية التربويّة وقائدها
من منّا لم يُصادف معلمًا ملهمًا في مسيرته الدّراسيّة، ذاك المعلّم الذي يُعلّمنا الخطو لتجاوز العقبات وصولًا إلى أهدافنا، هو ذاك الذي يفتح أعيننا الصغيرة على الآفاق، فنرى ما لم نكن نر، ونُلاحظ ما لم نلحظه سابقًا، فنعرف أنفسنا أكثر، ونُميّز مهاراتنا ورغباتنا، وكأنّ ذاك المعلّم يفتح أعيننا أمام مرآة لنرى أنفسنا، بكل ما نُملكه من قدرات ومواهب وإمكانيّات.
حسين حمدان العسّاف :
كاتب وأديب وباحث ومدرّس في إعداديات وثانويات ومعهدي إعداد المعلمين والمدرسين وكلية التربية في الحسكة من جيل السّبعينات ، ولد في قرية (تل جميلو) التابعة لمدينة الحسكة عام 1948م ، له عشرات المقالات والدّراسات والبحوث في الأدب والثقافة والفكروالسّياسة ، نشرتها له الصّحف والمجلات والدّوريّات المحليّة والعربيّة ، يبحث في التّراث واللغة ، وصالونات المرأة العربيّة، وله مخطوطات في ذلك ، ستكون قيد الطباعة قريباً ، وأولها (الثقافة في الجزيرة السورية) . أسهم في تنشيط الحراك الأدبي والثقافي في الجزيرة السورية من خلال محاضراته المستمرة في مدنها ، ومن خلال موقعه الثقافي المعروف بـ (موقع الكاتب حسين حمدان العسّاف) الذي احتضن أنشطة أدباء وكتاب وفنّاني الجزيرة ، وأذاعها إلى جانب تواصله ونشره نتاجات كبار الكتاب والأدباء والمفكرين والفنانين في العالم ، كرّمته نقابة المعلمين بالحسكة مرّات عدّة على جهوده في تطويرمستويات الأجيال المتعاقبة من طلابه في مادّة اللغة العربيّة ، وفي جذبهم إليها ، وتعلقهم بها ، كما كرّمته الدّولة في احتفالها المركزي بيوم اللغة العربيّة في مدينة ديرالزّورأواخرشباط 2011م بوصفه المدرّس الأول لمادة اللغة العربيّة في محافظة الحسكة ، وكان يحشد طلابه في معهد إعداد المعلمين ، وفي قسم اللغة العربيّة بالحسكة إلى الحراك الثقافي ، ويدفعهم للاشتراك فيه ، وجال بطلابه ، قسم اللغة العربيّة في مراكز الجزيرة الثقافيّة ، فحاضروا فيها ، ومن خلال تدريسه هذه المادة في إعداديّات وثانويّات ومعهدي إعداد المعلمين والمدرّسين وكليّة التربيّة بالحسكة كان دائم البحث عن المواهب الأدبيّة فيحتضنها ، ويرعاها ، ويغذيها ، ثم أدخلهم واحة الأدب ، ومتّعهم بجمالها ، فدفعهم لممارسة أنشطتهم الأدبية في مراكز الجزيرة الثقافيّة ، وهيّأ لهم فرصة نشركتاباتهم الأدبيّة في الصّحف المحليّة مثل صدى المعاهد وغيرها، وأثمرت غراس يديه عن ظهور أدباء وكتاب وشعراء وقاصّين وروائيين ، وكتّاب مقالات وباحثين معروفين ، لهم مكانتهم اليوم في الأوساط الأدبيّة داخل سوريّة وخارجها ، فازت أعمالهم بالجوائز الكثيرة ، وقد أجرت معه قنوات التلفزيون لقاءات عدّة تناولت موضوعات اهتماماته التراثيّة ، عن واقع الجزيرة.
مايميز الأستاذ حسين عساف امتلاكه مهارات عالية في قواعد النحو والصرف، فهو نموذجاً للطلاب من ناحية التمكن اللغوي. ولايتحدث إلا باللغة العربية الفصحى المُبسطة ويحفظ الكثير الكثير من الشعر العربي. إضافة إلى ثقافته في الأمور العامة. فكان يثري مواضيع الدروس بمعلومات إضافية إلى إدارته للصف بفعالية واقتدار وعنده قدرة على إيصال المعلومات بطريقة مبسطة،بتوظيف استراتيجيات التعلم الحديثة مثل العصف الذهني، والتعلم التعاوني، ولعب الأدوار، والتعلم التبادلي. ويتيح الفرصة للطلبة بمارسة اللغة العربية في مواقف حياتية هادفه ومن أروع من بث حب اللغة العربية في نفوس الطلبة بجدية وحماسة في العمل ولا يتشدد مع الطلبة ،بل بمرونة في التعامل معهم ويهتم باناقتة ومظهره العام، فكان عادلاً في تعامله مع الطلبة ويملك قدرة على ضبط الانفعالات وهدوء النفس ،مع دعابة وابتسامة في مكانها، وكثيرا ماكان يسترسل في حديثه عن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، إضافة إلى المزج في حديثه بين الدعابة والجد، ومما أتذكره من دعابته عندما كان يسأل إحدي زميلاتنا أسوان، عن الخميعة والثريد والشكوة رغم أنها ليست من المجتمع الذي عاصر هذا التراث الريفي القديم.
حفظ الله الأستاذ حسين حمدان عساف كان ولايزال قدوة لنا في حياتنا المهنية والعلمية.