سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
الكوليرا هي مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث. تتسبَّب الكوليرا في الإصابة بإسهال وجفاف شديد. وإذا لم يتم علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء سابقًا.
تم القضاء فعليًّا على الكوليرا في البلدان الصناعية بواسطة الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه. ولكن ما تزال الكوليرا موجودة في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وهايتي. يرتفع خطر الإصابة بوباء الكوليرا عندما يرغم الفقر أو الحرب أو الكوارث الطبيعية الأشخاص على العيش في الظروف المزدحمة دون وجود مرافق الصرف الصحي الملائمة.
فقد صرحت لجنة الإنقاذ الدولية أن تفشي الكوليرا في سوريا كان نتيجة قيام شركات خاصة ببيع المياه غير المعالجة لمجتمعات يائسة.
في الأسابيع الثلاثة الماضية، أصيب نحو 6000 شخص بالمرض وتوفي ما لا يقل عن 36 في شمال سوريا، في تفش لم يظهر سوى القليل من علامات التباطؤ.
ويسبب الكوليرا – مرض بكتيري شديد العدوى – إسهالًا شديدًا وتقيؤا يمكن أن يؤديا إلى الوفاة إذا ترك دون علاج. ويتم التقاطه عن طريق شرب المياه الملوثة أو عن طريق تناول الطعام المزروع أو المحضر بمياه ملوثة.
وتم ربط تفشي المرض بمياه الصرف الصحي الخام في نهر الفرات، الذي يمتد لمسافة 1,740 ميلاً عبر تركيا وسوريا والعراق. وعبر البلدان الثلاثة، يدعم النهر أكثر من 60 مليون شخص، بحسب صحيفة التلغراف البريطانية.
وبينت لجنة الإنقاذ الدولية إلى أن السبب الرئيسي لتفشي المرض هو عملية احتيال لقبتها بالمياه القذرة، اذ يشرب بعض الناس الماء مباشرة من النهر حيث تدعي شاحنات المياه غير المنظمة أنها تبيع مياهاً النظيفة.
ووضحت منسقة السياسة ومناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية بسوريا جينيفر هيغينز لصحيفة التلغراف أن هذه الشاحنات تسحب المياه من نهر الفرات وتوزعها من دون معالجتها.
وترك الدمار الذي أحدثه الصراع السوري المستمر منذ 11 عامًا البلاد معرضة بشكل خاص لمرض الكوليرا، حيث تم تدمير البنية التحتية الحيوية. وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من ثلثي محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ وثلث أبراج المياه تضررت جراء أكثر من عقد من الحرب.
وبينت هيغينز إلى أنّ هناك فجوة كبيرة في الوصول إلى مياه الشرب بالنسبة للسوريين. لديهم مياه شرب أقل بنسبة 40% مما كانوا يحصلون عليه قبل عقد من الزمن، ما يدفع الكثير من العائلات لشراء المياه من شركات خاصة. ومن هنا جاء تفشي المرض.
ويحتاج السوريون إلى شراء المياه للبقاء على قيد الحياة يمكن أن تكلفهم هذه المياه غير الآمنة للشرب ما يصل إلى 10 أو 20 دولارًا شهريًا.
وتحدث مدير مستشفى الكسرة في دير الزور، طارق علاء الدين، لوكالة فرانس برس إن المسؤولية تقع على عاتق هذه الشاحنات غير الخاضعة للرقابة. وأكد علاء الدين: كان جميع المرضى يشربون المياه التي تنقلها شاحنات تستخرجها مباشرة من نهر الفرات، دون تصفية أو تعقيم.
وتم الإبلاغ عن غالبية الحالات من حلب ودير الزور والحسكة، و 35% من الحالات لأطفال دون سن العاشرة.
ليبقى الشعب السوري المغلوب على أمره لعبة بيد السياسيين والمنظمات وسراق الآفاق الذين جلبهم النظام السوري من كل بقاع الأرض لكي يحافظوا على بقائه على سدة الحكم.