لا يعتبر أمر زواج القاصرات حدثاً مستجداً في سوريا عامةً، إلا أنّه تنامى وازداد بإطراد لافت للانتباه خلال سنين الحرب، الحرب المستمرة منذ عشرةِ أعوامٍ، دفعت النساء ثمنه، بصورة خاصة ومباشرة، وغالباً ما كان يرتبط الأمر بالعرف المجتمعي في المجتمعات المنغلقة على نفسها والمتحجرة والمأخوذة بعباءة العادات والتقاليد والأعراف.
إلى تاريخنا اليوم لم تستطيع الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا وضع قانون يحد من زواج القاصرات، مأكدة على أن المنطقة يسودها عادات وتقاليد عشائرية لا يمكن تخطيها، إلا في حال وردت شكوى من القاصر ذاتها تنص على رفضها للزواج هنا يمكن لمكتب المرأة التدخل ومنع إتمام مراسم الزواج.
ما بين الخيم والكارفانات في المخيمات العشوائية بالرقة، والتي تؤوي آلاف من العائلات السورية، ثمة قصص وحكايات أخرى ترويها فتيات قاصرات وقعن مبكراً في عش الزوجية.
فمن الآثار التي خلّفتها الأزمة السورية، هي زيادة نسبة حالات الزواج القاصرات من الزواج الكلي للسوريات،
وذلك لأسباب عدة، منها قلق الأهل على الفتيات، وسوء الأوضاع الإقتصادية، ومحاولة توفير حياة أفضل للفتاة وعائلتها.
أضافت الأزمة السورية ازدياد حالات الزواج المبكر لكن هناك سبب رئيسي لهذا الزواج وهو التقاليد الإجتماعية الموروثة للزواج المبكر في بعض مناطق سوريا، بما في ذلك منطقة الرقة وريفها، اضافة الى المناطق التي يأتي منها غالبية اللاجئين في المخيمات العشوائية.
زواج القاصرات من منظور الأهل “ستر وتأمين مستقبلاً للفتاة” اما من منظور اخصائيين “يجب النظر في المستقبل لما قد ينتج عن الزواج،” لجوء الأهالي” أسهم بتزويج بناتهم في سن الطفولة، حيث يرون أن ذلك أدعى لتأمين حياة الفتاة والاطمئنان عليها خوفا من تركها بلا معين، ولحمايتها من جميع أنواع الاستغلال أو الاعتداء في ظل غياب الجهات الداعمة.
القاصرات خاصة مع الفارق العمري بين الزوجين وعدم التفاهم بينهم قد يصل لمرحلة الطلاق أو تشرد الأطفال، ناهيك عن الآثار النفسية التي تلحق مرحلة الطلاق، وبغض الطرف ايضاً عن العنف الجسد والتعنيف”
وقد أسهمت الحرب -وما أرخته من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وقانونية ضاغطة إلى جانب الموروث الثقافي- في تعميق الظاهرة وتوسعها، مع اختلاف ترجمتها باختلاف البيئة والظروف المحيطة بالفتاة القاصر
” لجوء الأهالي” أسهم بتزويج بناتهم في سن الطفولة، حيث يرون أن ذلك أدعى لتأمين حياة الفتاة والاطمئنان عليها خوفا من تركها بلا معين، ولحمايتها من جميع أنواع الاستغلال أو الاعتداء في ظل غياب الجهات الداعمة.
ويصل أحياناً إلى تزويج فتيات يبلغن من العمر أقل من 14 عاماً، لكن الأكثر خطورة هو ما يجري وتوضح أن الزواج يحصل داخل القبيلة الواحدة أو بين قبيلتين تسكنان في منطقة واحدة أو قرى متجاورة، ما يعني أن الفتاة تبقى في داخل محيطها وبيئتها وقريبة من أهلها. ولا يعقد الزواج على أساس المصالح بل لتكريس عرف متوارث يتعلق بالحفاظ على البنت.
وقد كان ملفتا إنتشار زواج الأطفال بصورة غير مسبوقة، في الرقة واثناء سيطرة تنظيم الدولة “د ا ع ش” عليها، ومعه فرض التنظيم ذاته، عادات وتقاليد اجتماعية أكثر صرامة أسهمت في زواج القاصرات وحثت عليه، وفي الوقت نفسه.
ترجع بعض الآراء أمر زواج القاصرات لتردي الأوضاع المعيشية والحياتية أحياناً، إلى جانب الملف العذري الذي يحكم الأمر في نطاق معين، ويرجع إلى مخاوف الأهل حول عذرية ابنتهم، فيدفعون بها للزواج في سن مبكرة، وعموماً في الشريحة الأوسع يكون هذا الزواج للأقارب، وزواج القاصرات هو أي زواج لم تتم به الفتاة عامها الثامن عشر، ويشترك كله في عدم قدرة الفتاة على اتخاذ قرار كهذا، فتدفع إليه بالإكراه غالباً
ويعتبر زواج القاصرات أحد أبرز القضايا التي تهتم بها منظمات وجمعيات إنسانية تتواصل بشكل دائم مع جهات حكومية متخصصة، مثل وزارة الهجرة والمهجرين، من أجل الوقوف على الظاهرة ومحاولة تحجيمها قدر الإمكان، وهو ما تؤكده الباحثة الاجتماعية “منى الدايني”، التي تلقي محاضرات للنساء في مخيمات النازحين ومناطق في القرى والأحياء الشعبية الفقيرة.
ورغم كل ماتقدمه المنظمات المدنية من حملات توعية ضد زواج القاصرات والتوعية بالنتائج التي قد تنتج عن زواج القاصرات من طلاق و تشرد الأطفال إضافة إلى الآثار النفسية السلبية على الزوجة كل ذلك حال دون تقبل المجتمع ولا تزال زواج القاصرات منتشراً ويزداد.
إعداد: محمد فلاحة