مع استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي وبقية العملات العربية والأجنبية انتشرت العديد من الظواهر والممارسات الجديدة التي أثرت سلباً على الاقتصاد السوري وسعر صرف الليرة السورية خلال السنوات القليلة الماضية
وضمن هذا السياق نسلط الضوء على حجم الفساد المتعلق بتجار الحرب أو كما يسميهم السوريون حيتان المال المرتبطين بالنظام السوري بشكل كبير في الآونة الأخيرة فهذه الفئة حيتان المال تمكنت بمساعدة النظام من إحكام السيطرة على العديد من القطاعات العامة في البلاد من أبرزها قطاع الطاقة والمال والصناعة بالإضافة إلى السماح لهذه الفئة بإدارة شبكات التهريب واقتصاد الظل الأسود
وحجم الفساد وغسل الأموال في سوريا يقدر بنحو ١٠ مليارات دولار أمريكي في العام الواحد
فتجارة النفط التي تتم مع المنظمات الداخلية والخارجية لا تقل قيمتها عن ٣ مليارات في السنة الواحدة
فتجارة النفط هذه معظمها غير مشروع ويباع بأثمان مرتفعة والفارق السعري يجنيه تجار الحرب وتجارة المواد الغذائية والأرز والقمح والسكر لا تقل عن ٤ مليارات دولار أمريكي في السنة وقطاع العقارات الأسود في سوريا يتعدى بحجم كبير مئات ملايين الدولارات في العام الواحد لاسيما بعد الاستيلاء على أموال المغتربين وسطو أمراء الحرب على العقارات والتحكم بأسواق البناء بما في ذلك المناطق الأثرية ومنها محيط قلعة حلب والممتلكات العامة كشواطئ البحر
فالعديد من الممتلكات العامة التي تم الاستيلاء عليها دخلت ضمن صفقات فساد العقارات بالإضافة إلى الاستيلاء على طرق بأكملها
فثروة النظام تتنامى في الخارج بشكل كبير وما أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً عن ثروة بشار الأسد بين ١ و ٢ مليار دولار هو رقم هزيل وثروة الأسد أضعاف هذا الرقم
يأتي ذلك في الوقت الذي تزداد فيه معاناة السوريين بشكل كبير في الآونة الأخيرة نتيجة تفاقم المشكلات الاقتصادية في البلاد بشكل غير مسبوق إلى جانب الارتفاع الجنوني بأسعار معظم السلع والمواد لاسيما الأساسية منها في الأسواق السورية
ويترافق ذلك مع توقعات بمزيد من الانهيار الاقتصادي في البلاد خلال المرحلة المقبلة لاسيما بعد إعلان موسكو أنها لن تقوم بسد النقص الحاصل في بعض المواد مثل القمح والمشتقات النفطية ضمن مناطق النظام
تجدر الإشارة إلى أن ما سبق يتزامن مع وصول سعر صرف الليرة السورية لمستويات الـ ٣٩٥٠ ليرة لكل دولار خلال تعاملات هذه الأيام وذلك في الوقت الذي يتوقع فيه أن يستمر انخفاض قيمة العملة السورية في الشهرين المقبلين بشكل كبير
فمقولة: “الكل بدو يدفع” هذا ما قاله رجل الأعمال السوري المثير للجدل سامر الفوز في اجتماع استثنائي في فندق شيراتون بالعاصمة السورية دمشق حضره عدد من أثرياء وحيتان المال السوريين بهدف دعم الليرة السورية المنهارة في صورة ربما تحاكي ما حدث في فندق ريتز كارلتون بالرياض عندما أُجبر أثرياء السعودية على دفع مليارات قيل إنها بلغت ١٣ مليار دولار
فالعلاقة بين السلطة والمال في سوريا منذ تسلم حافظ الأسد الحكم ١٩٧٠ لم تكن ذلك النوع من التزاوج الحلال ولا حتى الحرام بل كان اغتصابًا حقيقيًّا لكل مقدرات سوريا بدءًا من النفط ومرورًا بالزراعة والاتصالات إلى التجارة فقد كان أصحاب المال هم أنفسهم أصحاب السلطة وكان المقربون أولى بالمشروعات والشركات والتسهيلات الاقتصادية على الرغم من أن حزب البعث الحاكم حزب اشتراكي كما يدعون فمن المفترض أن يوزع ثروات الوطن على المواطنين إلا أنه يوزعها على الحاشية المقربة منه
فقد تسلم اقتصاد سوريا من بابه إلى محرابه شخصيات من عائلتي الأسد ومخلوف الأصهار كان أكثرهم جدلًا رجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي كان له يد في أغلب مشروعات سوريا وأحد أكثر الشخصيات نفوذًا في البلاد وله استثمارات في كل شيء تقريبًا فعلى سبيل المثال لا الحصر له استثمارات في قطاع النفط والغاز والبنوك والعقارات والإعلام والتعليم والصناعات وأيضًا التبغ والدخان وغيرها الكثير يضاف إليهم اليوم عائلة الأخرس أهل أسماء زوجة بشار الأسد.
وعيش ياشعب في ظل هذه الحيتان.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى