اشتهرت دمشق ومنذ مئات السنين بأسواقها المغطاة التي تحجب شمس صيف دمشق الحارة وأمطار شتائها الغزيرة أحياناً ليتمكن المتسوقون من السير بهذه الأسواق التي تخصصت كل منها بمنتج معين أو بضاعة معينة فأخذ من المهنة اسمه أو من ولاة دمشق في العهد العثماني البانين لها أسماء لهذه الأسواق كما هو حال سوق الحميدية ومدحت باشا ومردم بك أو البزورية والنحاسين والحرير والصاغة وغيرها الكثير وما زالت هذه الأسواق تعج بحركة الناس والباعة والزائرين لدمشق والسياح حتى أصبحت من أشهر معالم دمشق السياحية
فقد تحدث السائح الإنجليزي بورتر عن أسواق دمشق عندما زارها في القرن التاسع عشر فقال عنها: من الممتع التجول في هذه الأسواق ومشاهدة أنواع البضائع ولاحظ بورتر في جولته بأسواق دمشق أن أمام كل حانوت مصطبة والتجار يجلسون عليها بين بضائعهم بهدوء واحترام إنها أسواق دمشق القديمة الرائعة بعمارتها الفريدة الحانية بظلمتها الندية من خلال سقوفها المعدنية ذات الشكل المقنطر والمحدب والهرمي وإذا كان سوق الحميدية أشهرها فإن في دمشق عشرات الأسواق القديمة التي مازالت قائمة حتى الآن حيث عدد الأسواق الدمشقية يصل إلى ٥٥ سوقاً منها ٢٥ سوقاً مغطاة بالمعدن أو بالأقواس الحجرية في حين أزيلت بعض الأسواق كسوق المسكية لإظهار جدران الجامع الأموي وسوق الخجا لكشف جدار قلعة دمشق والشيء الجميل في هذه الأسواق أنها منشآت متكاملة فهي متصلة ببعضها البعض بحيث يتمكن السائح من زيارتها جميعها وفي يوم واحد وأن يتجول بها ولن يصاب بالملل مطلقاً أيضاً حيث أن هذه الأسواق تضم العديد من الأماكن التاريخية الهامة كالحمامات العربية والخانات والمتاحف والمدارس القديمة وبالتالي فالزائر والسائح سيحقق متعتين في الزيارة الأولى المشاهدة والسير عبر أوابد معمارية تحكي قصص وحكايا التاريخ وبطولات الأجداد يرويها حكواتي الشام أبو شادي الوحيد الذي مازال يقص على رواد مقهى النوفرة الملاصق لأسواق دمشق هذه القصص والحكايا والثانية متعة التسوق حيث باتت هذه الأسواق تعرض مختلف أنواع البضائع واستغنى معظمها عن تخصصه الدقيق ويلاحظ في السنوات الأخيرة تركيز أصحاب هذه المحلات على بيع التراثيات والشرقيات الأرابيسك والمنتجات الدمشقية اليدوية التي تستهوي سياح وزوار دمشق وعندما يقرر السائح قضاء نهار كامل في هذه الأسواق فبالتأكيد ستكون وجهته الأولى سوق الحميدية فهو الأشهر والأكبر والأقرب إلى وسط دمشق من باقي الأسواق وسوق الحميدية الذي خصه السائح الإنجليزي بورتر بزيارته في القرن التاسع عشر قال عنه: تجدر زيارته من كل سائح لتأمل الأزياء العديدة والمعروضات الثمينة من السيوف الدمشقية والبورسلين القديم والدروع والأسلحة المطعمة بالذهب والفضة والثياب الموشاة بالذهب وأنواع السجاد الشرقي الثمين وإذا كانت هذه البضائع مازالت تباع في هذا السوق فإن هناك محلات كثيرة فيه أصبحت تبيع منتجات أخرى .
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى