أنت في ديباجتك بداوة وأنت ابن الجبل
بهذه الكلمات ولد لقب بدوي الجبل على الشاعر السوري محمد سليمان الأحمد القادم من قرية ديفة بريف اللاذقية كما يروي عزيز نصار في كتابه بدوي الجبل ذاكرة الأمة والوطن.
الشاب الذي أخذ علوم اللغة والأدب عن والده عايش في سن مبكرة الشأن العام ودفعه حماسه للانضمام إلى الوفد الذي أرسله الملك فيصل إلى الشيخ صالح العلي الذي كان يقود ثورة ضد الانتداب الفرنسي في الساحل السوري لكن الزيارة وضعت اسم الأحمد على القائمة السوداء لسلطات الانتداب التي بحثت عنه، لكنه خاض رحلة هروب من الاعتقال ملتجئاً بالبطريرك غريغوريوس حداد ثم متجهاً نحو حماة إلى أن استدل الفرنسيون عليه وألقوه في السجن.
أمضى الأحمد تجربة مريرة في سجون الفرنسيين الذين نقلوه بين سجن حمص وسجن الديوان الحربي في بيروت وانتهاء بسجن قلعة أرواد حيث وشم الشاب الذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمره على ذراعه تذكار السجن الفرنساوي إلى أن أفرج الفرنسيون عنه بعد أكثر من عام على اعتقاله تحت ضغط من وجهاء اللاذقية
ولم تثن تجربة السجن بدوي الجبل عن الاستمرار في خوض المعارك ضد الانتداب فأعلن رفضه لقرارات الانتداب تقسيم سوريا إلى دويلات فعاد الفرنسيون إلى ملاحقته ما دفعه إلى التوجه نحو العراق عام ١٩٣٩ وناصر فيها ثورة رشيد عالي الكيلاني الوطنية عام ١٩٤١ إلا أن إخفاق الثورة أعاده إلى دمشق.
وشهد الأحمد جلاء الفرنسيين السوريين وبقي منغمساً في العمل السياسي في فترة ما بعد الجلاء موظفا قوة خطابه الشعري في إعلان مواقفه السياسية حيث ساعدته فصاحته وقوة تعابيره على ترسيخ اسمه كواحد من أبرز أعلام الشعر الكلاسيكي العربي في العصر الحديث
لم يتخلص الأحمد من لعنة الملاحقات الأمنية بجلاء الانتداب فقد دفع ثمن مواقفه الرافضة للانقلابات العسكرية بأن صدر الأمر باعتقاله إلا أن محافظ اللاذقية في ذلك الحين سعيد السيد لم ينفذ أمر الاعتقال بل نقل الأحمد بسيارته إلى الحدود اللبنانية لحمايته من السجن.