تكميم أفواه جديد وقانون جديد يصدره النظام السوري

أصدر رأس النظام السوري، بشار أسد، مرسوماً جديداً يُطلِق يد ميليشياته لملاحقة مرتكبي “الجرائم المعلوماتية” على مواقع التواصل الاجتماعي، في خطوة من شأنها تكميم الأفواه بشكل كامل تجاه الفساد الحكومي الممنهج ولمنع مكافحة ظاهرة تجّار الحرب، الأمر الذي اعتبره الموالون خطوة لزجّ ما تبقى من الشعب في السجون.

 

وبحسب وسائل إعلام موالية ورسمية، ينصّ القانون الثاني منوعه والمتعلق بما يسمى الجرائم الإلكترونية، على عقوبات مالية وغرامات بالغة تجاه مرتكبي الجرائم على الشبكة العنكبوتية (المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي)، بدءاً من السجن مدة شهر إلى 15 عاماً، إلى جانب غرامات مالية تصل إلى 15 مليون ليرة سورية.

 

وفي التفاصيل، فإن القانون سيطال كل من ينتقد أو يهاجم أو يفضح مسؤولي حكومة النظام السوري ومؤسساتها والمحسوبين عليها في كافة القطاعات على مواقع التواصل الاجتماعي أو في المواقع الإلكترونية تحت اسم: “الاحتيال المعلوماتي وانتهاك الخصوصية والذم والقدح والتحقير الإلكتروني”، والذي سيسمح لأي مسؤول أو إداري بملاحقة صاحب التعليق قانونياً.

وكذلك شمل المنتقدين للدستور و”النَّيل من هيبة الدولة” والتي تعني ملاحقة أي منشور أو تعليق يتطرّق للدستور أو يناهض الميليشيا وحكومتها والمحسوبين عليها، أو” قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة”، إضافة لملاحقة المواقع المختصة بتداول أسعار العملة السورية تحت اسم: “النَّيل من هيبة الدولة المالية”، والتي تعني (كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة بقصد إحداث التدنّي أو عدم الاستقرار أو زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة في النشرات الرسمية). 

 

كما يتضمن القانون معاقبة وتغريم مرتكبي “جرائم الإساءة إلى الأديان والمقدسات والشعائر الدينية”، وجرائم “المساس بالحشمة أو الحياء”، وغيرها من الملاحقات والتهم المتنوعة التي تطال مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في مناطق سيطرة ميليشيا النظام السوري. 

 

ويهدف القانون الجديد لتكميم أفواه السوريين بشكل كامل في مناطق سيطرة ميليشيا النظام على الشبكة العنكبوتية وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، والتي شهدت مساحة لافتة من حرية النقد والتعبير من الموالين تجاه الميليشيا وحكومتها في الآونة الأخيرة، ولا سيما أن تلك المواقع أتاحت فرصة واسعة لفضح ممارسات الميليشيا ومسؤولي النظام والمحسوبين عليه.

وأثار المرسوم سخرية محدودة من بعض الناشطين والحقوقيين على مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تعرِّض أصحاب التعليقات الساخرة أو الناقدة لعقوبة السجن والغرامة المالية، حيث اعتبر المعلّقون أن تلك الخطوة كفيلة بسجن جميع السوريين بمناطق سيطرته

 

وكان الكاتب الموالي، وعضو برلمان النظام، نبيل صالح، اعتبر في وقت سابق أن القرار كفيل بزجّ نصف الشعب السوري في السجون، في الوقت الذي يحمي فيه أثرياء الحرب ويؤمّن لهم الحصانة أكثر، لافتاً إلى أنه يشكل خطراً على أي مواطن سوري، في كل جملة يكتبها أو رسالة يرسلها، أو حتى نكتة يتداولها مع أصدقائه.

 

وفي 28 أذار المنصرم، أصدر بشار الأسد، القانون رقم “15” لعام 2022، بدعو تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفرض عقوبات صارمة على من ينال من هيبة الدولة ونشر أخبار توهن عزيمة الأمة، علما أن مجلس الشعب لم يستطع وضع تعريف محدد لجريمة النيل من الأمن الوطني والمساس بهيبة الدولة.

 

وبعد يوم واحد، أعلن الناشط الموالي بشار برهوم اعتزال الفيسبوك خوفا من المرسوم وقال: “فكيكة ياعمي جلدي ما بيتحمل القتل”.

 

وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، أزمات اقتصادية غير مسبوقة بتاريخ سوريا، من الغلاء الفاحش وتدهور العملة المحلية وفقدان أهم مقومات الحياة، كالكهرباء والمحروقات والإنترنت وأزمات المواصلات والبطالة، وما يقابلها من الفساد الحكومي الممنهج وتفشي ظاهرة تجار الحرب والعصابات المدعومة من مسؤولين بارزين.

 

وتقابل حكومة النظام تلك الأزمات بقرارات تعسفية إضافية تزيد معاناة الناس بمراسيم وقوانين من شأنها تكميم الأفواه وملاحقة المنتقدين وغضّ الطرف عن كبار الفاسدين من مسؤوليها والمحسوبين عليها، بدل الاستجابة للمطالب الشعبية وتأمين لقمة العيش “على الأقل” كون الميليشيا كانت وما زالت وراء أزمات البلاد حين أنفقت مقدَّرات سوريا لذلك الهدف، وباعت ما تبقى من البلاد لحلفائها الروس والإيرانيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.