قصة الخبز و الملح و الزاد

يحكى أن رجلا غريبا دخل إلى مطعم في الشام بمدينة دمشق  وطلب رغيف خبز أكل نصفه وترك النصف الأخر وخرج وفي كل يوم كان يفعل ذلك فانتبه إليه رجل من أهل الشام فسأله بكل أدب : بعد السلام
أخي لماذا تأكل نصف الرغيف وتترك نصفه في كل يوم
ومن أين أنت
فقال الرجل انا من بغداد ودرت البلدان ولم أجد من يحفظ الخبز والملح والزاد
فأنا آكل نصف الرغيف ولا أجد من يستحق  ان يأكل نصفه الثاني
قال له الرجل الشامي : إذاً أنت اليوم معزوم عندي وجاء الموعد وكان الشامي يعيش في بيته مع أمه وابنة عمه المتوفي التي يحبها وعلى وشك الزواج بها  وطرق البغدادي الباب  ففتحت له ابنة عم الشامي فرأها ففتن بها البغدادي وبعد الغداء
قال البغدادي للشامي: أريد أن أستحلفك بالخبز والملح والزاد أن لا ترد طلبي من الفتاة التي فتحت الباب
قال: إنها ابنة عمي ووالدها متوفي
فقال: أريد الزواج منها
.فقال الشامي: هي لك مع أنه كان يحبها
سافر البغدادي مع عروسه ليعيشا في بغداد وبعد فترة من الزمن
ماتت أم الشامي وفقر الرجل وباع بيته  ليأكل بثمنه وقلت النقود ولم يبق عنده إلا شيء يسير فقرر أن يسافر إلى صديقه في بغداد وحين وصل بغداد علم أن صديقه البغدادي أصبح من أغنياء بغداد ولديه قصر فيها
فتوجه لقصره وطلب من الخادمة مقابلة صديقه فعادت الخادمة تحمل كيسا من النقود الذهبية وأعطته إياه
فقال لها: أنا أريد مقابلة صديقي أبو فلان ورمى بكيس النقود فانفرطت الليرات الذهبية على الأرض وذهب وفي عينيه دمعة كبيرة
واكتشف الشامي أن نقوده انتهت ولم يعد معه ثمن العودة للشام وأصبح ينام في الشوارع وفي الأزقة وليس عنده شيء سوى الصلاة والدعاء للباري عز وجل
فأتاه رجل كبير وسأله عن حاله فقال إني لا أجد قوت يومي فشكا له كل قصته فقال له الرجل : لما لا تعمل معي في التجارة
وفعلا بدأ الرجل يعمل بالتجارة وتعلم جميع أسرارها والأسواق وكل شيء يفيده في عمله  إلى أن أصبح الشامي في ثلاث سنوات من العمل الدؤوب من أثرياء بغداد وبنى قصرا لم تشهد بغداد مثله أبدا ً
جاءت امرأة كبيرة وطلبت من الشامي أن تعمل على خدمته في القصرمقابل معيشتها فوافق
وكانت له أما ً حقيقة ثم قالت له إن هناك فتـاة فقيرة تريد العمل معي في القصر  فوافق بقلبه الطيب المعتاد  وبدأت المرأة تزين الفتاة وتلبسها الثياب الجميلة إلى أن رآها الشامي و تعلق بها وحبها وطلب الزواج منها
وسهلت له الأمور المرأة الكبيرة وحدد موعد الزفاف في بغداد فتم استدعاء كبار التجار والأثرياء للزفاف
دخل الرجل البغدادي قصر الرجل الشامي
فقال له الشامي :معاتبـاً أتيت لزيارتك فبعثت خادمتك بكيس النقود وكأني متسول والآن ماذا تريد
فأراد أن يطرده من الحفل
فقال له البغدادي : إني نظرت من شباك القصر فوجدت حالك التي أتيت بها فأرسلت لك النقود لتصلح بها حالك أمام ابنة عمك التي زوجتني إياها وأنت كنت تحبهـا وحين وجدت أن كرامتك قد أبت عليك أخذ النقود احترت ماذا أفعل من أجلك
فهل تعلم من الرجل الكبير الذي علمك التجارة إنه أبي
والمرأة التي تخدمك في بيتك هي أمي وأنا اليوم أتيتك لأحضر عرس أختي
ثم أشار بيده فدخلت ابنة عم الشامي تجر في يدها طفل وطفلة واقتربت من ابن عمها الشامي وجلست عند قدميه وجاءت العروس جلست قربها وجلس الرجل البغدادي معهم فجلس الشامي معهم  وأخرج البغدادي من جيبه نصف رغيف وقسمه على الجميع فأكلوه
إنه الخبز والملح والزاد
من الأخلاق الحميدة
أن لا نرمي حجراً في البئر الذي شربنا منه
فكم نحنٌ بحاجة لأناس من يحفظ خبزنا وملحنا وزادنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.