“وقف إطلاق النار في أوكرانيا حرية أوكرانية أم مطلب أمريكي”

لم تظهر الولايات المتحدة الأمريكية موقفا واضحا داعما أو معارضا للمفاوضات بين الجانبين الروسي والأوكراني للتوصل لتسوية تسمح بوقف تصعيد النزاع على الأراضي الأوكرانية.

بدأت العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا منذ قرابة شهر ، فشلت خلال هذه الفترة جميع المفاوضات للتوصل لحل ينهي النزاع الدامي في أوكرانيا ، وفي الوقت نفسه واشنطن والغرب تضيق الخناق على روسيا بعقوبات صارمة واحدة تلو الأخرى ، وهذه العقوبات تصحبها مساعدات أوربية أمريكية عسكرية وإنسانية ومالية لكييف.

حيث يقول خبراء عسكريون أن واشنطن تدعم المفاوضات وتساند أوكرانيا ولكن يشككون في أن الإدارة الأمريكية ستحث زيلينسكي على قبول المطالب الروسية.

ولكن ستترك للرئيس الأوكراني حرية القرار في ما يمكن لأوكرانيا تقبّله أم لا .

وكان زيلينسكي قد أعلن عن استعداده للحديث مع بوتن من أجل البحث في تسوية تُوقف القتال، وقال “أحتاج إلى التحدث إلى بوتن، يحتاج العالم إلى التحدث إلى بوتن، لا توجد طريقة أخرى لوقف هذه الحرب”.

كما أكد خلال مقابلة مع شبكة سي إن إن (CNN) ، استعداده النظر في بعض التنازلات لروسيا من أجل المساعدة في إنهاء النزاع، بما في ذلك قبوله بسياسة الحياد إذا تم ربطها بضمانات أمنية قوية.

وتسببت إشارة زيلينسكي لقبول وضع الحياد في انزعاج كبير بين المسؤولين الأميركيين، طبقا لمصدر في الكونغرس تحدث لشبكة سي إن إن حول الموضوع.

وطرحت موسكو عدة مطالب لتحقيق وقف لإطلاق النار مع أوكرانيا

أولا: حياد أوكرانيا، بمعنى موافقتها على عدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المستقبل.

ثانيا: نزع سلاح أوكرانيا مع احتفاظها بجيش صغير، وتوفير ضمانات أمنية متبادلة في سياق النموذج النمساوي.

ثالثا: العملية التي يشير إليها الجانب الروسي باسم “إزالة النازية”.

رابعا: اعتراف أوكرانيا بشبه جزيرة القرم أراضي تابعة لروسيا، والاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا.

 

بينما يرى الكثير بأن استمرار القوات الأوكرانية بمقاومتها وصدها للهجوم الروسي على هذه الوتيرة ، من الممكن أن يكسر الروس ويجعل بوتن يحاول التفاوض بطريقة أخرى ويسعى لقبول تنفيذ بعض مطالبه وليس كلها .

ويرى آخرون أنه إذا استمرت سياسة بوتن التعسفية ضاربة بقرارات الاتحاد الأوربي عرض الحائط ، لا يتصور أن يوافق الجانب الروسي على أي تسوية تهدف لوقف القتال وسحب قواته دون رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن والغرب عليه.

من جانبه، طالب جيمس أكتون المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، واشنطن بدعم الرئيس الأوكراني زيلينسكي في مفاوضاته الشاقة مع الروس، بإعلانها الموافقة غير المشروطة على ما يوافق عليه الرئيس الأوكراني.

 

ويشير أكتون إلى أنه حتى في أفضل الأحوال، إذا أراد زيلينسكي التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، فمن المرجح أن يضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة لروسيا، كما اعترف هو بذلك، ومن المحتمل أن يعارض الكثيرون في الولايات المتحدة وأوروبا بشدة أي تنازلات من هذا القبيل.

ويقول أكتون “في نهاية المطاف، على الرغم من ذلك، فهي ليست قضيتهم ولا شعبهم الذي يعاني، وسينبغي على الحكومة الأوكرانية المنتخبة ديمقراطيا أن تقرر الثمن الذي ترغب في دفعه لوضع حدّ لتدمير بنيتها التحتية الأساسية وسلامة مواطنيها والحفاظ على وجود أوكرانيا دولة ذات سيادة”.

ويرى أكتون أن زيلينسكي لا يمكنه لوحده إنهاء الحرب من دون دعم واشنطن، فالعقوبات الاقتصادية على روسيا تعزز موقفه على طاولة المفاوضات، من خلال رفع التكاليف التي تتحملها روسيا لمواصلة القتال ، ولكن على نفس المنوال، من غير المتصور عمليا أن توافق روسيا على تسوية دون تخفيف العقوبات. ولهذا السبب، يجب أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدين لرفع العقوبات -بما في ذلك المفروضة على البنك المركزي الروسي- إذا تفاوضت روسيا وأوكرانيا على اتفاق تسوية وبُدء في تنفيذه.

الولايات المتحدة الأمريكية لا تضغط على أوكرانيا لقبول أو رفض تنازلات محددة، ولا تشارك في عملية التفاوض، إلا أن الكثير من المعلقين الأميركيين يشككون في مصداقية رهان موسكو على المفاوضات.

ولا ترى واشنطن حتى الآن أي مؤشر على أن الرئيس بوتن مستعد لوقف إطلاق النار ، مما يجعل من الصعب على المسؤولين الأميركيين أن يكونوا متفائلين بشأن الوضع الحالي للمفاوضات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.