حركة حافظ الأسد التصحيحية الغادرة والانقلاب على الانقلاب

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

في الستينيات وبعد انفصال سوريا عن مصر فيما عرف بالجمهورية العربية المتحدة، بدأ صراع العسكر للسيطرة على الحكم ونجحوا في ذلك في انقلاب 8 اذار عام 1963 فيما يعرف باسم “ثورة الثامن من اذار” وفي الحقيقة هو انقلاب على الشرعية وعلى الحكم المدني في سوريا الذي تم الاجهاز عليه في ذاك التاريخ.

فبرزت ثلاثة اسماء من الضباط هم صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الاسد، كان محمد عمران يمثل التيار القومي في الحزب وتم التخلص منه في انقلاب لا يذكر كثيرا في أدبيات حزب البعث أطاح فيه صلاح جديد بعمران وأصبحت السلطة بشكل كبير تحت سيطرته.

المرة الأولى عندما تم تسريحه من الجيش في عهد الوحدة واعاده جديد بعد الانفصال ورفعه لرتبة لواء وأسند إليه قيادة القوى الجوية.

والمرة الثانية بعد هزيمة حزيران حيث اجتمع مجموعة من الضباط البعثيين وتحصلوا على استقالة مكتوبة من حافظ الأسد بعد الضغط عليه وقدموها لصلاح جديد باعتباره الأمين القطري للبعث، ولكن جديد رفض الاستقالة بحجة أن مثل هذه الاعمال تضعف الحزب نفسه ويجب على الحزب أن يحمي قياداته في كل الاحوال.

وحصل صدام بين الرجلين لاحقا في العام 1970، قرار أخذه جديد بالتدخل في صراع حصل بين الفصائل الفلسطينية والملك حسين ملك الاردن، ولكن حافظ الأسد امتنع عن إرسال غطاء جوي لدعم أعمال الجيش وتسبب بإفشال المهمة

طلب صلاح جديد اجتماع للقيادة القطرية التي قررت بالإجماع إقالة حافظ الأسد وزير الدفاع ورئيس الأركان مصطفى طلاس، إلا أن الأسد لم ينصع للقرار، وكان من المعروف خلال السنوات الماضية بان الأسد نزع إلى تعزيز سيطرته على الجيش لأنه فهم أن السلاح هو الضامن الوحيد للبقاء في السلطة بينما كان جديد أكثر رومنسية وانحياز للحكم المدني وللمدنيين من حزب البعث.

وبهذا كانت مهمة الأسد في غاية السهولة، أرسل جنوده ورجال الأمن لاعتقال قيادات الحزب، وشكل قيادة بديلة اسماها قيادة الحزب المؤقتة، وزج بالقيادة القديمة في السجن وبقي أفرادها هناك حتى وفاتهم ومنهم صلاح جديد، دون أن يكون هناك أي رد فعل لا محلي ولا دولي ولا متابعة لمعرفة مصير القيادة القديمة التي اعتقلت وسجنت بدون محاكمة وبدون توجيه أي تهمة إليها.

إذاً هو انقلاب آخر من الانقلابات التي تمت بقوة الجيش والأمن، ولو نجح جديد في إقالة الاسد لكنا اليوم نحتفل بانقلاب شباط عام 1966 الذي تغلب فيه الأسد وجديد على عمران.

وهكذا قضى رفيق الدرب والسلاح صلاح جديد 23 عاما في السجن وتوفي في العام 1993 وتمكن حافظ الأسد من تصفية جميع خصومه والسيطرة المطلقة على السلطة التي امتدت لابنه بشار الأسد الذي ما زال يحكم حتى اليوم.

إذاً فالحركة التصحيحية هي انقلاب على السلطة المنتخبة في حزب البعث وزج قياداتها في السجون حتى وافتهم المنية، أمر لا شك بأنه كان مفصلا هاما في حياة حافظ الأسد وسيرته في الاستيلاء على السلطة بالوسائل الوحشية وغير الشرعية.

ولكن لم يفهم حتى اليوم ما علاقة الشعب بهذا الحدث ولماذا عليه أن يحتفل فيه حتى في طور انهيار الدولة السورية والبؤس الذي يعيشه السوريون داخل وخارج سوريا.

كان حريا بالشعب السوري أن يجعل من ذكرى هذا اليوم نكسة من نكسات الشعب السوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.