أسباب العداء البريطاني الروسي المستجد

بقلم الكاتب السوري

محمد علي

BAZ_NEWS

بعد أيام من اعلان وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلة روسية قصفت احترازيا مسار مدمرة بريطانية انتهكت الحدود الروسية في البحر الأسود، أرسلت روسيا 3 قاذفات استراتيجية الى حدودها الجنوبية و بدأت مناورات عسكرية في شرق المتوسط باستخدام أحدث ترسانتها من الصواريخ الخارقة للصوت، التدريبات الروسية التي أتت بعد حادثة اطلاق الطائرات الروسية قنابل تحذيرية على مدمرة بريطانية قرب القرم، فيما اكدت بريطانيا انها كانت تبحر في مياه أوكرانية.

  • المناورات الروسية شرق المتوسط تتزامن مع وجود الحاملة البريطانية “الملكة اليزابيث” في شرق المتوسط وعلى متنها طائرات اف 35، وتشارك في شن غارات على تنظيم الدولة في العراق. كما تتزامن مع نقل روسيا طائرتي “ميغ 31 كا” القادرة على حمل صواريخ كينزال الى قاعدة حميميم.
    قد يتسائل القارئ عن سبب التصعيد العسكري المتزايد بين بريطانيا وروسيا وأسبابه وأبعاده ومألاته، في الحقيقة أن هذا التصعيد ليس وليد اللحظه أو الصدفة أنما هو بسبب تراكمات كثيرة بلغت أوجها في الأونة الأخيرة لا سيما وأن بريطانيا من أشد الدول الأوربية في التعامل مع التغول الروسي المتزايد بداية من ضم جزيرة القرم الأوكرانية وانتهاء بالتدخل الروسي في سوريا، لذلك يبدو هذا التوتر والتصعيد مبررا لعدة اعتبارات وأسباب، ومن هذه الأسباب :
  • الاعتبارات والأسباب

1 – تدهور العلاقات الروسية البريطانية بدءا من عام 2006 بعد اغتيال الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو في لندن، وجاء تسميم الجاسوس السابق سيرجي سكريبال، في مارس 2018 في ساليسبري وطرد 153 “دبلوماسيًا” روسيا ليدق أخر مسمار في نعش أي تفاهمات دبلوماسية قد تحصل.

2- الأنشطة التجسسية لروسيا على الدول الأوربية بشكل عام وبريطانية بشكل خاص في شتى المجالات العسكرية والعلمية وليش أخرها التجسس على أبحاث بريطانية خاصة بفيروس كورونا، فقد صرّح وزير الخارجية البريطاني في العام الماضي بأنه “واثق تماما” بأن روسيا استهدفت مختبرات تجري أبحاث لتطوير لقاح لفيروسات كورونا. واتهمت بريطانيا والولايات المتحدة وكندا مجموعة قرصنة تدعى APT29 بقيادة الهجمات عبر الإنترنت. وقالوا إن الجماعة مرتبطة “بشكل شبه مؤكد” بالمخابرات الروسية، وتهدف إلى سرقة المعلومات والملكية الفكرية.

3 – ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية بالقوة العسكرية عام 2014 والاستمرار بدعم الانفصاليين الأوكرانين في شرق أوكرانيا ما نتج عنه مقتل 18 ألف اوكراني كما تقول كييف، وحشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية لتهديد وتحذير كييف في محاولة لمنعها من أي تقارب مع حلف الناتو، وهذا ما ترفضه بريطانيا بشدة ما حدا بها إلى إرسال سفن بريطانية حربية بهدف إظهار التضامن مع أوكرانيا وحلفاء المملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى استدعاء السفير البريطاني في موسكو للتشاور.

4 – سعي روسيا الدائم الى زعزعة ونشر الفرقة بين دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” خاصة بين تركيا من جهة واليونان وفرنسا من جهة أخرى، وهو ما السياسيون البريطانيون والألمان جيدا ويغفل عنه اليونانيون والفرنسيون لاعتبارات تاريخية وطائفية.

5 – رغبة بريطانيا بالعودة بقوة إلى الساحة الدولية بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي كقوة عظمى وفاعلة وقادرة على حماية ومساعدة الدول المتحالفة معها ، فبدأت تستعد لتوسيع نفوذها الخارجي، فبعد إرسالها قوات لأفريقيا وأوكرانيا ودول البلطيق تخطط لزيادة الإنفاق العسكري بمقدار 16.5 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الأربع المقبلة مع رفع الدول الأسكندنافية التابعة بشكل أو اخر لها لانفاقها العسكري بالتزامن مع التوترات بين استراليا التابعة لبريطانيا والصين مع نشاط متزايد في البحر الأسود، بدأ يندرج تحت مسمى تحالف أنجلو-تركي-أوكراني، خاصة مع زيارة رئيس اوكرانيا لبريطانيا ثم فورا لتركيا، وتوقيع اوكرانيا صفقات عسكرية مع تركيا وبريطانيا، وتجنب بريطانيا ازعاج تركيا في موضوع شرق المتوسط. ومحاولة بناء تحالف دولي جديد بقيادتها يشمل تركيا والهند في مواجهة التغول الروسي والصيني.

  • كل هذه الأسباب وغيرها أنتجت هذا التوتر والتصعيد الذي نراه اليوم والذي قد يكون إرهاصات لبداية تحالفات جديدة ودور أكبر لللا عب البريطاني على الساحة الدولية أكثر فعالية لمواجهة التمدد الروسي والصيني في مقابل انكفاء الاعب الأمريكي أكثر من كونه توتر قد يقود الى حرب عالمية فمن الواضح أن أي من روسيا وبريطانيا لا يرغابان في مواجهة عسكرية مباشرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.