الحسكة.. آخر معاقل حزب العمال الكردستاني معركة الأنفاق المقبلة وخيانة التفاهمات مع دمشق……. بقلم: [مهند الكاطعًً[

خلال الأيام القليلة الماضية، تصاعدت المؤشرات الميدانية على توجه حزب العمال الكردستاني (PKK) لتحويل شرق سورية، وبالأخص محافظة الحسكة، إلى معقل استراتيجي أخير، وذلك عقب إعلانه الشكلي حلّ نفسه في تركيا.

إعادة تموضع مريبة

رُصدت وفود كبيرة من كوادر الحزب تدخل إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي، معظمهم لا يتحدثون سوى الكردية والتركية، ما استدعى اصطحاب مترجمين لمرافقتهم. هذه التفاصيل تشير إلى أن العناصر الجديدة ليست من أبناء المنطقة أو من القيادات التقليدية لـ”قسد”، بل أفراد مدربون وأدلجتهم تمت في معاقل الحزب الرئيسية مثل قنديل وسنجار، وتم إدخالهم إلى الداخل السوري في عملية إعادة تموضع استراتيجية، تستبق أي سيناريو لتصفية وشيكة في تركيا.

استراتيجية أنفاق وتحصينات عسكرية

استغل حزب العمال الكردستاني الواقع الأمني والسياسي الهش بعد إعلان “الحل”، ليعزز وجوده في الجزيرة السورية. وتشير المعلومات إلى استمرار عمليات حفر أنفاق متشعبة في مناطق تمتد من الحسكة والقامشلي إلى رميلان وديريك، وحتى الرقة، وهي عمليات تحصين تتم بوتيرة سريعة وتنم عن نية واضحة لتحويل المنطقة إلى ساحة حرب عصابات طويلة الأمد.

الأمر لم يتوقف عند التحصينات؛ فقد أقدمت ميليشيات الحزب على ردم آبار النفط في الطبقة وسرقة معداتها ونقلها إلى الحسكة، ضمن خطة تبدو مزدوجة: حرمان الدولة السورية من الموارد، والتحضير لاكتفاء اقتصادي جزئي في حال اندلاع مواجهة كبرى.

ملامح الخطط الدفاعية لحزب العمال الكردستاني

🔸 1. توزيع المقاتلين:

نشر عناصر مدربين من قوات الغوريلا وYPG وYPJ في الحسكة تحديداً، مع اعتماد تكتيكات حرب المدن والأنفاق ضمن المناطق السكنية لإطالة أمد المعارك.

🔸 2. تحصينات هندسية معقدة:

حفر أنفاق بين الأحياء والمنازل والمقرات العامة والخاصة، ما يشير إلى استعداد لمعركة داخلية لا تعتمد على خطوط دفاع تقليدية.

🔸 3. إدماج عناصر محلية:

إشراك فلول النظام السابق من أبناء الطائفة العلوية وبعض أبناء العشائر المجندين ضمن الخطوط الأمامية، خصوصاً قرب دير الزور والرقة، بإشراف كوادر جبلية من الحزب.

خرق صارخ للتفاهمات مع دمشق

من أخطر التطورات هو الانقلاب الصريح على التفاهمات التي تم توقيعها في آذار/مارس 2025 بين قسد والدولة السورية، والتي نصّت على تسليم تدريجي للمناطق وإيقاف أعمال التحصين العسكري.

لكن ما يجري الآن على الأرض يُظهر أن “قسد” لم تكن سوى واجهة محلية لمشروع أوسع تقوده قيادة قنديل. ومع قرب النهاية السياسية والعسكرية لهذه الواجهة، تخلّت عن التزاماتها وعادت للاصطفاف الكامل خلف المشروع الانفصالي.

هذا الانقلاب يجب أن يُستثمر كورقة ضغط دبلوماسية قوية في المحافل الإقليمية والدولية، لتعرية المشروع الكردستاني وكشف تهديده الصريح لوحدة سورية وسيادتها.

توصيات المرحلة القادمة

🔹 1. تحرك دبلوماسي واسع:

تنسيق حملة دبلوماسية سورية – عربية – دولية لتسليط الضوء على خرق اتفاق آذار ورفض الدور الميليشياوي لحزب العمال في سورية.

🔹 2. بنك معلومات استخباراتي:

إعداد قاعدة بيانات مفصلة عن شبكات الأنفاق والتحصينات باستخدام طائرات مسيرة وصور أقمار صناعية.

🔹 3. تجهيز قوات نوعية:

إنشاء وحدات قتالية مختصة بحرب الأنفاق والمدن، مع فرق للتفتيش والنسف والتطهير الميداني.

🔹 4. تفكيك الحواضن المحلية:

فتح حوار مباشر مع العشائر العربية لعزل المشروع الكردستاني، وتأمين انشقاق العناصر المخدوعة أو المغرر بها.

🔹 5. ضبط الحدود الشمالية:

إغلاق المعابر غير الشرعية بين شمال العراق وشرق سورية، خاصة معابر سنجار، لمنع تدفق كوادر الحزب.

ختاماً

المعركة المقبلة في سورية ليست معركة رصاص فقط، بل معركة شرعية ووعي ووحدة صف. ما نشهده في الحسكة والقامشلي هو تجهيز ميداني لمعركة مصيرية تهدد وحدة البلاد، لكن الفرصة ما زالت سانحة لعزل المشروع التخريبي لحزب العمال الكردستاني قبل أن تتحول مدن الجزيرة إلى مناطق استنزاف مزمنة.

الوضوح في الخطر لا يعني التسليم به، بل يدعو إلى يقظة وطنية شاملة واستنفار سياسي وعسكري حقيقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.