نتائج الزلزال الكارثية على الاقتصاد السوري

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أيام، ووصلت هزاته إلى لبنان والأردن ومصر، في واحد من أكبر وأخطر الزلازل في العالم منذ عقد، دمّر مدن وأحياء ومبانٍ بأكملها في جنوب تركيا وشمال وشمال غرب سوريا.

صحيح أنه من الصعب في الوقت الراهن تحديد تكلفة الخسائر المادية للزلزال الذي حدث بشكل نهائي ورسمي، على اعتبار أن عمليات إزالة أنقاض آلاف المباني المنهارة لا زالت مستمرة ونتائج وإحصاءات الكارثة لا زالت في بدايتها، ولكن التقديرات الأولية المتباينة تشير إلى أن الزلزال خلّف أضرارا جسيمة وخسائر فادحة تُقدّر قيمتها بالمليارات. خاصة مع متطلبات إعادة بناء البنية التحتية وتعويض الناجين مما يؤدي إلى أعباء كبيرة تتحملها معظم الحكومات.

فالزلزال ترك وراءه حتى اللحظة ما يزيد عن أكثر من 29ألف قتيل من تركيا وسوريا، والعدد مُرشّح للزيادة في كل لحظة، وعدد المتضررين بالزلزال قد يصل إلى 23 مليونا، بينهم نحو 5 ملايين في وضع ضعيف، وفقا لـ”منظمة الصحة العالمية”. كما وتدرك المنظمة الدولية قدرة تركيا القوية على الاستجابة وتعتبر أن الاحتياجات الرئيسية التي لم تُلبَّ قد تكون في سوريا على المدى القريب والمتوسط.

من هنا تبرز عدة تساؤلات تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، وهي كيف سيؤثر ذلك على اقتصاد سوريا ككل، وانعكاسات هذا الزلزال على المتضررين، في سوريا، حيث الفقر وسوء الأحوال المعيشية. وعلى نطاق واسع، كيف ستواجه هذه الدول تداعيات هذه الكارثة، ومدى قدرتها على تغطية تأمينات هذه الأضرار التي لحقت بمنازل السكان.

ونقلت وكالة تابعة لإعلام النظام السوري عن وزارة النفط قولها، إن السلطات أوقفت العمل في مصفاة بانياس النفطية لمدة 48 ساعة لمعالجة أضرار لحقت بها جراء الزلزال الذي ضرب البلاد.

كذلك، قطاع السياحة لم يسلم من هذا الزلزال، فقد انهارت أجزاء من قلعة غازي عنتاب التاريخية في جنوب تركيا، فيما كشف الجانب السوري عن تضرر بقلعة حلب، وقلعة المرقب، وقلعة قدموس في محافظة طرطوس.

ففي سوريا لا يوجد تأمين على الأغلبية الكاسحة من المنازل في سوريا، وصحيح من الممكن أن تكون هناك بعض المباني التي يوجد لها تأمين في مناطق سيطرة النظام السوري، لكن من المؤكد أن المباني التي دُمرّت في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ، ليست مؤمنة بالتأكيد، حيث لا يوجد فيها شركات تأمين أصلا.

فحجم الخسائر في سوريا كبير، على الرغم من أنه لم يتضح بعد، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أنه لن يتخطى حجم الأضرار الناتجة عن الحرب السورية منذ 2011، فقد تحدثت تقارير محلية عن تصدّع في سد “ميدانكي” في منطقة عفرين جراء الزلزال وتضرر مستشفى “الدانا” بأضرار جسيمة وإخلائه بالكامل، كما انهار 150 مبنى بشكل كامل و330 بشكل جزئي وتصدع آلاف المباني في شمال غربي سوريا، وفق ما أعلنته منظمة “الدفاع المدني” الخوذ البيضاء في شمال غربي سوريا.

سوريا التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة على خلفية الحرب الدامية منذ 11 عاما، فهي تواجه الآن مصيرا مجهولا ومعقّدا بعد هذا الزلزال الكارثي.

نظرا لضعف الأبنية في المناطق المتضررة من الزلزال، وقلة الدعم وضعف قدرات حكومة النظام السوري إلى جانب قلة دعم المنظمات المدنية العاملة في هذه المناطق، فضلا عن الغياب الكبير للدعم الدولي، خاصة في شمال غرب سوريا، فإن هذا الزلزال سيترك أخطر آثاره على سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.