إيران توقف مشروع التقارب بين النظام السوري وتركيا

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

أوامر إيرانية دخلت بشكل متسارع على مسار إجهاض الحل قبل انطلاقه عمليا، بينما لم تصدر من موسكو التي رعت أو وافقت على تلك الخطوات مواقف متقدمة في هذا الإطار، في حين فعّل الغرب مواقفه مجددا تأكيده دعم الحل السياسي على أساس القرار 2254.

ووضعت الخطوات التركية والعربية القضية السورية من جديد في واجهة الاهتمام وإن لم ينعكس ذلك بشكل واضح على الساحة الدولية إلا أنه محليا وإقليميا استحوذ على مساحات تشي بتطورات  في أنحاء البلاد بينها الجنوب السوري، لما يشكله من هاجس للأردن باعتباره بوابة تهريب إيران والنظام الكبتاغون للخليج، إضافة إلى شرق الفرات وما يرسم له في إطار المرحلة المقبلة، والتركيز الأمريكي على تفاصيله ميدانيا، مع ما قابله من تعزيز روسيا تواجدها غرب النهر، واستمرار تركيا بتعزيز حضورها في الشمال عسكريا وعلى صعيد البنى التحتية.

فالدخول الإيراني على مسار الخطوات التركية والعربية ظهر بشكل واضح من خلال استدعاء طهران وزير دفاع النظام علي محمود عباس الإثنين الماضي، بعد زيارة وزير خارجيتها عبد الأمير اللهيان إلى دمشق، إذ وجهت من خلاله رسائل بأنها هي الصديق الحقيقي لما أسماه الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بـ”الأمة السورية” لأنها وقفت إلى جانبها خلال فترة مواجهة الإرهاب، وستقف إلى جانبها في المرحلة المقبلة، فيما كان لافتا إعلان وزير الدفاع الإيراني اعتزام بلاده إجراء مناورات عسكرية للمرة الأولى مع جيش النظام.

ومن جانبه وفي إشارة إلى الإمارات والأردن وضرورة استبعاد تأثيرهما على النظام قال رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري خلال لقائه وزير دفاع النظام إن بعض الدول العربية التي سلكت طريق تطبيع العلاقات، خانت قضية فلسطين والعالم العربي والعالم الإسلامي، ويجب محاسبتها.

وذكّر باقري عباس بأن بلاده دفعت أثمانا لبقاء النظام، وقال: قدمنا ​​شهداءً كراماً، ونحيي سيد شهداء المقاومة ومحاربة الإرهاب، الشهيد سليماني العزيز، ونحيي ذكرا بحسب تعبيره.

وأكد باقري أهمية تشكيل لجنة أمنية ودفاعية بين البلدين في أقرب وقت ممكن وقال: إن الجيش السوري اليوم بحاجة إلى إعادة تأهيل، والقوات المسلحة الإيرانية جاهزة لمساعدته في مجالات الصيانة والتدريب والتجهيز.

نظام الأسد كما هو معروف أظهر تشددا في مطالبه من تركيا مقابل خطواتها التي تصب في النهاية بحل سياسي للقضية السورية كما أعلن وزير دفاعها خلوصي أكار، إذ قال بشار الأسد بعد لقائه وزير خارجية إيران في دمشق لثلاثة ساعات قبل أيام: إن “الدولة السورية لن تسير إلى الأمام في الحوار مع تركيا إلا إذا كان هدفها إنهاء الاحتلال ووقف دعم التنظيمات الإرهابية ،بحسب تعبيره.

مصادر النظام تحدثت أيضا بأن تحركات الإمارات التي ظهرت من خلال زيارة وزير خارجيتها عبدالله بن زايد آل نهيان قبل عدة أيام على زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق، وركزت على أنها معزولة عن الخطوات التركية، إذ ذكرت صحيفة موالية أن الوساطة بين تركيا والنظام أطلقتها منذ البداية روسيا، وهي المعنية بشكل أساسي في كيفية إدارتها، وبما يضمن تحقيق النتائج المرجوة منها، علماً أن الدول العربية معنية أيضاً وبالضرورة بأي تطور قد يطرأ على العلاقات السورية التركية وهي لا ترغب بالتأكيد أن تكون بعيدة عن هذا الملف.

وزيارة وزير خارجية الإمارات إلى دمشق ارتبطت بالخطوات التركية، إذ سبق تلك الزيارة اتصال هاتفي بينه وبين وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو، مع حديث وسائل إعلام روسية عن إمكانية استضافة الإمارات لقاء لوزيري خارجية تركيا والنظام، ولكن لم يطرأ أي تطور يدل على استجابة النظام للتحرك الإماراتي، والذي يمثل بعدا عربيا وخليجيا أردنيا على وجه الخصوص، ولا سيما بعد الفشل على مدى الأعوام السابقة من الحد من النفوذ الإيراني في سوريا والتوقف عن تهريب الكبتاغون إلى دول الخليج من الجنوب السوري عبر الأردن.

وليس من المستبعد أن يكون أحد دوافع الملك عبد الله الثاني دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لزيارة عمان استمرار إيران عبر ميليشياتها في التمدد بالجنوب السوري، إذ لفت معلق الشؤون العربية في “القناة 12” الإسرائيلية الخاصة، إيهود يعاري، إلى أن ما يحدث جنوبي سوريا كان أحد محاور لقاء نتنياهو مع ملك الأردن، مضيفا أن الوجود الإيراني في الجنوب السوري يشكل معضلة أمنية مشتركة بين الأردن وإسرائيل، إذ أن  تهريب المخدرات كان دفع ملك الأردن إلى طلب المساعدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكن الأخير مشغول في حربه ضد أوكرانيا.

وتحدثت تقارير صحفية حول فكرة إقامة إقليم إداريّ في الجنوب السوري، طُرحت خلال زيارة وزير خارجية الإمارات الأخيرة إلى دمشق، في إطار حلول جزئية للوضع السوري الحالي بخاصة بعد تعذر إيجاد حل وفق قرارات الأمم المتحدة وبخاصة القرار 2254”. بحسب تقرير نشره تجمع أحرار حوران المخاص بتغطية شؤون الجنوب السوري.

تجمع أحرار حوران أكد وجود مؤشرات تدلّ إلى موافقة النظام على فكرة إقليم إداري، لصعوبة سيطرته المطلقة على المنطقة، ولا سيما مع التحركات الشعبية في درعا والسويداء، حيث تظهر في المنطقة أشكال جديدة من الصراع مع النظام، ستطبع المرحلة المقبلة، كإعلان العصيان السياسيّ، وعدم القدرة لاعتبارات عديدة على إعادة تجربة قمع هذه التحركات دون دفع أثمان عسكرية وسياسية.

وعلى الأرض برزت مؤشرات بهذا الاتجاه في ضوء استمرار الاحتجاجات، ولا سيما بعد انكفاء مؤسسات النظام عن تقديم الخدمات لمحافطتي درعا والسويداء، ما حدا بالأهالي إلى إطلاق دعوات لجمع الأموال والاعتماد على الاقتصاد الذاتي، إذ تم جمع مليارات الليرات في غالبية قرى وبلدات درعا وكذلك السويداء بهدف إصلاح وتوفير الخدمات الرئيسية مثل المياه والاتصالات، على نفقة السكّان والمغتربين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.