الأردن تشدد على الدور الروسي في ضبط الأمور في الجنوب السوري

شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى

خلال اجتماع مع مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، في العاصمة الأردنية عمان، يوم الأربعاء الماضي ، شدد الصفدي، على أهمية الدور الروسي “عاملا للاستقرار في الجنوب السوري، وضامنا للاستقرار في اتفاقيات خفض التصعيد والمصالحات التي تم التوصل إليها عام 2018”.

من جهته، أكد المبعوث الروسي أن بلاده ستتعاون مع الأردن في مواجهة التحديات في الجنوب السوري، “خصوصا فيما يتعلق بتهريب المخدرات وفي العمل على تثبيت الاستقرار”.

اجتماعات ثنائية ليست الأولى بين مسؤولين أردنيين وروس، حيث سبق أن وعد الروس خلال اجتماعات سابقة بإيجاد حل يضمن الاستقرار في الجنوب، والعمل من أجل وقف تهريب المخدرات إلى الأردن، لكن هذه الوعود لم تُنفّذ على أرض الواقع، وهذا ما يدعو للتساؤل حول، أسباب تزايد الخطر في الجنوب السوري، وما إذا كانت روسيا تملك أوراقا جديدة في هذا الملف، وما هو الموقف الإيراني مما يجري، وما الحلول التي يمكن العمل عليها.

خلال الأشهر الماضية وعلى الرغم من اجتماعات ثنائية أردنية روسية كان آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، واجتماعه بالمسؤولين الأردنيين، وعلى الرغم من الوعود التي تم قطعها بضبط الحدود والعمل على استقرار المنطقة، إلا أن عمليات تهريب المخدرات قد زادت إضافة إلى الفوضى الأمنية المستمرة.

التمدد الإيراني الذي زاد بعد تورط روسيا في المستنقع الأوكراني، والذي أجبرها على سحب عدد من قواتها من سوريا ومن بينها الجنوب كان أهم الأسباب لما يجري حاليا، حيث لا تمتلك روسيا في الجنوب القدرة على اتخاذ القرار.

فسياسة النظام السوري بدأت تتوضح معالمها بشكل جلي في اعتمادها على تهريب المخدرات للاستمرار في السلطة ولا سيما عبر الحدود مع الأردن، وأيضا دور المليشيات الإيرانية التي ما تزال تصرّ على الهيمنة على الجنوب السوري باعتباره البوابة للدخول للأردن ومنها إلى دول الخليج العربي.

فالفرقة الرابعة الذراع العسكري لإيران عملت منذ أيام على إعادة السيطرة مجددا على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهذا يدل على النية الحقيقية للنظام السوري وإيران في استمرار تهديد الجوار السوري أمنيا ومن خلال تهريب المخدرات.

فالصفدي وضع المبعوث الروسي والوفد المرافق له في صورة الطرح الأردني، وهو بلورة دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية من خلال الانخراط المباشر مع سوريا والتقدم الذي أُنجز نحو إطلاق هذا الدور، وأكد الصفدي ولافرينتيف على أهمية التنسيق الأردني الروسي في التصدي للتحديات في الجنوب السوري وفي جهود التقدم نحو الحل السياسي للأزمة السورية وفق القرار 2254.

لافرنتيف أكد أن بلاده ستتعاون مع الأردن في مواجهة التحديات في الجنوب السوري، خصوصا فيما يتعلق بتهريب المخدرات وفي العمل على تثبيت الاستقرار.

ورغم محاولات الأردن المتعددة في إعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل العام 2011، وتجنيب الأردن للمواجهات المستمرة مع عصابات تهريب المخدرات المتمثلة في الأجهزة الأمنية والمليشيات الإيرانية، واقتراح مبدأ خطوة مقابل خطوة اعتقادا منه أن رفع بعض العقوبات عن النظام السوري من شأنها أن تخفف الضغوط على حدودها إلا أن مساعيها باءت بالفشل بعد إثبات إصرار النظام  وإيران على الاعتماد على صناعة وتهريب “الكبتاغون” والحشيش والسعي لإغراق الاسواق بتلك المواد.

أما بالنسبة للروس، فإنهم لا يملكون أي أوراق حقيقية يمكنهم من خلالها طمأنة الأردن بقدرتهم على وقف عمليات التهريب أو العمل على استقرار المنطقة، فهم لا يملكون سوى الوعود، لذلك فإن الأردن توصل لقناعة في ظل عدم مقدرة الروس وإصرار عصابات التهريب على المضي بمشروعها، سوى دخول قوات عربية الى الجنوب السوري.

ما يجري حاليا هو انشغال روسيا في حربها ضد أوكرانيا والتي تطورت إلى ورطة حرب ضد “الناتو” والغرب بشكل عام الأمر الذي كان من شأنه تعطيل الدور الروسي عن أداء مهامهم خاصة التي تم الاتفاق عليها في العام 2018.

كما أن روسيا ركزت منذ العام 2018 على الشمال السوري والمناطق الساحلية وتركت لإسرائيل ترتيب الوضع في الجنوب من ناحية إبعاد الميليشيات الإيرانية، أو قيام قوات أحمد العودة التي لا تملك القدرة على ضبط الأمور في الجنوب على ذلك.

بالنسبة للأوراق الروسية فإنها معدومة حاليا، والورقة الوحيدة بعيدة عن الجنوب لكنها ستنعكس عليه مستقبلا، وهي محاولة إعادة تعويم الأسد، وهذا لن يشكل حلّا بأي حال من الأحوال بل سيزيد من تعقيد الأمور.

إيران باتت هي المسيطر الرئيسي في الجنوب السوري رغم كل الادعاءات بعكس ذلك، فمنذ العام 2018 عملت على تجنيد الآلاف من أبناء المنطقة، كما نجحت بتوظيف الشخصيات المعروفة في التهريب لخدمة مصالحها ومصالح النظام السوري ، ولم تستطع روسيا خلال السنوات الأربع الماضية الحدّ من التمدد الإيراني أو وقفه.

السيطرة الإيرانية امتدت إلى جميع مفاصل الدولة السورية بما فيها الأجهزة الأمنية وهذا ما يسهّل عمليات تهريب المخدرات دون أن يتعرض أتباع لإيران لأدنى تهديد من أي جهة، وحسب معلومات خاصة ، ففي شهر كانون الأول الماضي، تم إيقاف أحد أبرز المهربين من السويداء ويدعى “مرعي الرمثان”، على حاجز أمني قرب دمشق بأمر من رئيس شعبة المخابرات العسكرية، اللواء كفاح ملحم، إلا أن التوقيف لم يتجاوز عدة ساعات حيث أُعيد إطلاق سراحه بأوامر مباشرة من ميليشيا حزب الله اللبناني.

ليكون الدور الأبرز للنظام السوري ومليشياته في الجنوب السوري.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.