سباق استخباراتي في السودان.. زيارة رئيس المخابرات التركي وما وراءها من خبر؟!

السودان – إبراهيم بخيت بشير

 

بدون مقدمات وبصورة مفاجئة حطت طائرة رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان في مطار الخرطوم، ويعتبر فيدان من أخطر قادة المخابرات في العالم، ويعتمد عليه الرئيس أردوغان اعتمادا كبيرا، وتأتي الزيارة والسودان في مفترق طرق وتشظي داخلي كبير ومبادرات هنا وهناك ، ماهي الملفات التي حملها ضيف الخرطوم الذي جاء على عجل ماهي الملفات ودلالات الزيارة؟! .. والمعلوم أن لتركيا تعاون كبير في المجال المخابرات مع السودان.

التقى هاكان فيدان خلال زيارته رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو القائد العام لقوات الدعم السريع كل على حدا.. والغريب في الأمر أن الحكومة لم تخرج بأي بيان رسمي عن ذلك، مكتفية بخبر في حسابها على الفيس بوك قالت فيها ان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ، الفريق أول ركن: #عبدالفتاح_البرهان التقى بمكتبه مساء اليوم رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، بحضور مدير المخابرات العامة، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.

وأكد البرهان خلال اللقاء متانة وازلية العلاقات بين السودان وتركيا وأن السودان يتطلع الي تطويرها في كافة المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.

ورحب سيادته بزيارة رئيس المخابرات التركية مشيراً إلى أنها تصب في خانة حرص البلدين على تطوير التعاون بينهما.

من جانبه أمن رئيس المخابرات التركي على متانة علاقات البلدين مؤكداً أن الزيارة كانت مثمرة وحققت أهدافها فيما يلي التعاون والتنسيق بين السودان وتركيا في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

بنفس العبارات جاء خبر لقاء حميدتي برئيس المخابرات التركي.

وتطرح هذه الزيارة أسئلة حول الهدف منها في هذا التوقيت، وعلاقتها بما يدور الآن في السودان من اتفاق إطاري يجمع بين الجيش وبعض قوى الحرية والتغيير.

وتأتي الزيارة في ظل حالة من ارتباك في المشهد السوداني وانقسام حاد بين كل المكونات السياسية السودانية وتصاعد كبير في مواجهة الاتفاق الإطاري من قبل مكونات كانت أساسية في الحرية والتغيير ولجان المقاومة والكيانات الإسلامية والقوى الوطنية والإدارة الأهلية.. وهو وضع أنتج حراكا دبلوماسيا واستخباري كبير من قبل الدول ذات الصلة بالملف، ويشار في هذا الصدد إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات المصري عباس كامل.

هل يمكن أن نقرأ الزيارة القصيرة غير المعلنة مسبقا لفيدان على أن تركيا لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج ازاء التحركات التي تقوم تلك الدول سواء كانت في الرباعية الدولية أو مصر الساعية لجمع الفرقاء؟.

 

زيارة مستغربة في هذا التوقيت:

ويستغرب جدا الصحفي عبدالماجد عبدالحميد زيارة هاكان إلي السودان بالنظر إلى حراك المشهد السياسي والأمني في تركيا هذه الأيام، ويرى أن السودان لا يُشكل حالياً أحد شواغل أنقرة، التي نأت بنفسها منذ فترة عن التدخل المباشر في الشأن السوداني وأكتفت بتعاملها المسؤول مع جهاز المخابرات السوداني، الذي تعترف تركيا أنه من أفضل وأكفأ الأجهزة الأمنية في المنطقة التي تتداخل فيها مصالح تركيا الاستراتيجية مع دول ومحاور أخري في العالم ..

ويرى أن الذي جاء برجل تركيا القوي إلي الخرطوم؟! لا يخرج عن ثلاثة شواغل تضعها تركيا في الاعتبار ..الأول صراع السلطة في تشاد والذي قد يطيح بابن دبّي من العرش وقد ينتج عن هذا الصراع من تأثير تحسب له أنقرة ألف حساب.

• الثاني مايحدث في إفريقيا الوسطى وتنامي التنافس الأمريكي الفرنسي الروسي علي كرسي السلطة في بانقي

• الثالث ..أمن البحر الأحمر ..

وقال عبدالحميد: الحديث خارج التسجيل عن الزيارة المهمة لمدير المخابرات التركية إلى السودان هو حديث صريح وواضح مع الممسكين بأعنة الأمور في السودان وتحذيرهم من الانسياق وراء مخطط تفكيك المنظومة العسكرية والأمنية في السودان.. مضيفا أن تركيا لها تجربة تعامل احترافي مع جهاز الأمن والمخابرات في السودان.. وتركيا تعلم أن المخابرات السودانية تجلس على رصيد هائل من التجارب والمعلومات التي لا تتوفر لأي جهاز مخابرات في إفريقيا خاصة..

وتابع: إن تركيا لا تتعامل بردود الفعل مع الملف السوداني..لكنها قطعاً ستتدخل إن وجدت أن الأمور في هذا البلد المهم بالنسبة لها تمضي باتجاه التفكيك والتقسيم والاختطاف..

 

 دور السودان في الملف الليبي:

وفي تصريح للباحث الاستراتيجي محي الدين محمد لوكالة BAZ يقول أحسب أن الزيارة تاخذ أهميتها من عدة عوامل اولها تطورات الأوضاع في إفريقيا التي توليها أنقرة اهتماما خاصا؛ فهي مشغولة بما يدور في ليبيا، علما بأن تركيا منشغلة بكيفية تحقيق الاستقرار فيها لارتباط ذلك بأمن الطاقة في البحر الأبيض، وهناك مشروعات التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية بين تركيا وليبيا. ولا شك أن تركيا تتفهم قدرة السودان على لعب دور في الملف الليبي رغم إصرار بعض دول الإقليم على استبعاد السودان.

وكذلك هناك اهتمام مشترك بين البلدين بأمن البحر الأحمر في ظل التنافس الدولي على الممر المائي المهم.. والسودان دولة لها ثقلها وتأثيرها وتملك كروت مهمة في ما يدور من صراع دولي في غرب إفريقيا حيث التنافس الروسي الفرنسي وتطورات الأوضاع في كل من تشاد وأفريقيا الوسطى.

العامل الثاني هو ملف الإرهاب حيث تتخوف تركيا من تبعات تمدد التنطيمات الإرهابية في القارة وكذلك في محيطها القريب، ومعلوم أن لتركيا تعاون مع كل دول العالم المهتمة بمكافحة الإرهاب، ويظل السودان من أهمها لموقعه وتجربته المميزة وإسهاماته في ابتدار نهج المراجعات الفكرية بهدف تفكيك الخلايا الإرهابية.

 

التخوف التركي:

ويقول الباحث وائل علي هناك تخوف تركي على مصالحها في ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى كما يوجد عمل كبير لفرنسا وأمريكا ومن الملاحظ أيضا تحركات السفيرة الفرنسية في السودان وتواجدها خاصة في غرب دارفور، وهذا يدل على أمر ما. ويضيف أيضا التنافس الفرنسي التركي في المنطقة، حيث تعتبر تركيا التحركات الفرنسية في المنطقة أمرا مقلقاً بالنسبة لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.