الزواج ومعضلاته في سوريا مع ارتفاع تكاليف الحلال

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

التدهور الاقتصادي الكبير في سوريا، لم يعد يقتصر على فقط على النواحي المعيشية والأسعار، إنما انسحب على كل نواحي حياة السوريين ليجعل من بعضها حلما بعيد المنال، فالزواج اليوم في سوريا أصبح من الخطوات التي يصعب الإقدام عليها لدى غالبية السوريين، بل وحتى من سابع المستحيلات لدى الكثير من الشباب السوري.

فقد بات الزواج مغامرة وتسرع، فحتى لو لم يقم أهل الفتاة بفرض أي تكاليف على الشباب، فإنه لم يعد بمقدور أي شاب في سن الزواج تحمل تكاليفه ففرش المنزل وحده يكلف بالملايين هذا من غير المنزل، الذي بات حلما دفع إيجاره، ويحتاج إلى ثلاثة رواتب دفعة واحدة، أي ما يقدر بحوالي 350 ألف ليرة سورية، وأكبر راتب في القطاع الحكومي يصل لحوالي 180 ألف ليرة فمن أين بقية التكاليف التي تتراوح ما بين 15 – 20 مليون ليرة.

ووصلت أسعار إيجار فساتين العرائس لبضع ساعات في العاصمة دمشق إلى أكثر من نصف مليون ليرة، في حين بلغت أسعار شرائه ملايين الليرات.

وبحسب مواقع  فإن “التكاليف الباهظة للأعراس التي تبدأ من مبلغ المُقدّم الذي يدفعه العريس، مروراً بتجهيز المنزل وانتهاءً بالذهب وتكاليف حفلات الخطوبة والزواج، التي تكلف الملايين، جعل الكثيرين يعدون للعشرة قبل المخاطرة بكل ما يملكون من أموال”.

وتقول شابة مقبلة على الزواج، أن “إيجار الفستان لبضع ساعات (500 ألف ليرة)، وشرائه بالملايين”. مضيفةً أنها “محتارة بين ارتداء فستان لأخذ صورة تذكارية أو تنظيم العرس بتكاليف معقولة؛ فبكلا الحالتين الأسعار مرتفعة جداً وليس بمقدورها لا شراء فستان ولا حتى استئجاره”.

وقال أحد بائعي فساتين الأعراس في سوق الحميدية، إن “نسبة الإقبال على شراء فساتين الأفراح تراجعت نظراً لغلاء سعرها، فعلى سبيل المثال كنا قبل الغلاء والأزمة الاقتصادية نبيع ما يقارب 15 بدلة عرس وخطبة يومياً، أما اليوم فبالكاد يدخل زبونان يلقيان نظرة ويخرجان من دون شراء”.

واعتبر رئيس “الجمعية الحرفية للمطرزات” محمد رفيق اللحام أن “الوضع المعيشي وضعف الرواتب لعبت دوراً كبيراً فيما يخص هذه المواضيع، إضافة إلى هجرة العمال وموضوع ارتفاع كلفة اليد العاملة”.

وأشار اللحام إلى أن “أسعار الفساتين تبدأ من 500 ألف وحتى مليونين أو ثلاثة ملايين، بحسب طلب العروس، فكلفة المواد الداخلة في التصميم هي المرتفعة لا أكثر ولا أقل”.

وأضاف أنه “رغم قلة اليد العاملة وهجرتها للعمل، فإنه لدينا يد عاملة تعمل في المعامل بحسب التطريزات المطلوبة، ويتم التنفيذ بحسب الرسومات والأشكال المطلوبة، والعاملات يتقاضين أجورهن بحسب الطلب، فكل بدلة لها ترتيب وكلما كانت الرسمة كبيرة يزداد سعرها.

وكان مواقع أجرت في عام 2022 استطلاعاً بين عدد من المقبلين على الزواج، وفي أسواق الذهب والمفروشات والأدوات المنزلية، في مدينة دمشق وريفها، رصد فيه تكاليف المستلزمات الأساسية، وأجمع من استطلعهم على أن انخفاض سعر صرف الليرة وما يرافقه من غلاء في الأسعار، جعل تكاليف الزواج تختلف “بحسب سعر السوق”، واختصر معظم الشبان المقبلين على الزواج الاحتياجات “الضرورية والأكثر ضرورة”.

ووفق الاستطلاع، يحتاج المقبل على الزواج، والمقيم داخل سوريا، إلى نحو 17 مليون ليرة سورية على الأقل، وتصل النفقات إلى أكثر من 20 مليون ليرة عند إضافة مستلزمات، مثل الألبسة والأغطية وغيرها من الاحتياجات الضرورية.

وأثر الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الشبان في سوريا على تأخرهم في سن الزواج، حيث تقف المهور المرتفعة عائقاً في وجه كثير من الشباب السوريين المقبلين على الزواج نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية، وخسارة معظم الشباب لفرصهم في الدراسة والعمل، فأصبح الراغب بالزواج مضطراً إلى الاستدانة أو السفر لتأمين مهر عروسه، أو التخلي عن هذا الحلم بشكل نهائي بعد عجزه عن تأمين تكاليف الخطبة والعرس وتجهيز المنزل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.