سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
لم يسجل في تاريخ سوريا منذ عقود أن يعتقل عدد أكبر مما اعتقله بشار الأسد من الشعب السوري.
فقد أطلق ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إعلامية وإنسانية تحت عنوان “أنقذوا المعتقلين”، وذلك لإطلاق سراح مئات آلاف المعتقلات والمعتقلين من سجون النظام السوري والكشف عن مصيرهم.
وطالب الناشطون المشاركون في الحملة بإنهاء هذه القضية وتسليم جثامين الذين قضوا في السجون ومحاسبة المسؤولين عن هذه القضية من بشار الأسد حتى أصغر شبيح تورّط في دماء السوريين.
ووصف المشاركون ما تعرّض له الشعب السوري والمغيّبون قسرياً في سجون النظام السوري بـ”محرقة العصر”، مؤكدين أن أحد أهداف الحملة هو تذكير السوريين والعالم بهذه المأساة.
وروى الكثير من السوريين ممن تفاعلوا مع الحملة، ومنهم معتقلون سابقون، ما عايشوه أو خبروه في سجون النظام السوري، في حين أشار العديد منهم إلى صور قيصر التي تم تسريبها والتي كشفت كمية الوحشية والإجرام بحق الشعب السوري من قبل عناصر.
وشارك الناشط السوري عمر الشغري مقطع فيديو استذكر فيه طرق وأساليب النظام الوحشية في تعذيب السوريين، وذلك في ضوء تجربته التي عاشها في السجن، وقال: “تخيَّل أنك تتألَّم بشدة، لكن لا يمكنُك الصُراخ، لا يمكنُك التَّعبير عن ألَمِك. كيف سيكون شعورك؟”.
فيما قالت رانيا سليمان في تغريدة على تويتر: “يموت منا كل يوم الكثير، ظناً من القاتل أنه بإجرامه المستمر يستطيع أن يتغلب علينا ونستسلم له، لا يعلم أن قضيتنا تتقمص كل يوم بالأجيال التي تخلق، وأن الموت هو سبيل لنيل ما نريد، وأن الدماء شرف وعز، وأن للحرية ثمن، وأن الثمن نحن، ونحن لن نصالح. انتفضوا لنعيد سيرتها الأولى”.
بدورها شاركت سورية صورة لطفلة صغيرة قالت إنها تقبع في سجون النظام وعلّقت عليها بالقول: “بدنا المعتقلين. أين حقوق الطفل والانسان؟ من أجل الأطفال نريد حلاً للقابعين في سجون الأسد. هذه الزهرة البريئة قابعة في سجون أسد. نريد حلاً من أجل جميع المعتقلين والمعتقلات”.
فيما شاركت أخرى تجربتها في الاعتقال وقالت: “ضعوا حداً للرعب في سجون الأسد. إذا وضعت أذنيك على الأرض، بإمكانك سماع صوت شبيه بالغرغرة، ويدوم هذا الصوت لمدة 10 دقائق، كنا ننام وعلى مسمعنا أصوات أشخاص يختنقون حتى الموت، هذا كان أمر طبيعي بالنسبة لي آنذاك “صوت المعتقلين”.
وفي 15 من أيلول الماضي، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها أن قوات الأمن والميليشيات المحلية والأجنبية تسيطر على نقاط التفتيش ومراكز الاحتجاز في مناطق سيطرة النظام السوري، وتستمر بعمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والموت بسبب التعذيب ضد المواطنين بمن فيهم اللاجئون أو النازحون العائدون إلى مناطق سيطرة ميليشياته.
وأواخر شهر آب الماضي، نشرت الشبكة تقريراً حول الاختفاء القسري في سوريا في ظل النظام السوري، حيث تصدّر الأسد مشهد انتهاكات حقوق الإنسان عبر الاعتقال أو الاحتجاز أو التغييب بشكل قسري لأكثر من 135 ألف شخص من أصل 154 ألفاً في عموم سوريا.
وأشارت الشبكة في تقرير إلى استمرار النظام السوري منذ مطلع عام 2018 بتسجيل جزء من المختفين قسرياً على أنهم مُتوفَّونَ عبر دوائر السجل المدني، وبلغت حصيلة الحالات الموثقة بحسب التقرير ما لا يقل عن 1072 حالة كشف النظام السوري عن مصيرهم بأنهم قد ماتوا جميعاً بينهم 9 أطفال وسيدتان منذ مطلع عام 2018 حتى آب 2022، ولم يَكشف عن سبب الوفاة، ولم يسلِّم جثامين الضحايا لأُسرهم أو يُعلِمها بمكان دفنهم.
وكانت العديد من الجهات الحقوقية والمنظمات الدولية اتّهمت النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان أثناء العمليات العسكرية، كاستخدام السلاح الكيميائي في غوطة دمشق، وكذلك وثائق جرائم الحرب التي وثقت مقتل 11 ألف شخص من خلال 50 ألف صورة.