من إنجازات النظام السوري الأخيرة تحويل شركة سيرونيكس إلى معمل سحاحير خضرة

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

بعد عشر سنوات على بدء الاحتجاجات الشعبية والأزمة السورية والحرب الطاحنة المتعددة الجنسيات بإشراف بشار الأسد وزمرته التي رافقتها مُني الاقتصاد السوري بخسائر فادحة استنزفت ودمرت أكثر من ثلثي موارده. وبنتيجة هذه الخسائر تراجع الناتج المحلي لهذا الاقتصاد الذي كان من بين أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا إلى أقل من 20 مليار دولار بحلول عام 2019 بعدما زاد على 60 مليار دولار عام 2010.

ومع استمرار الأزمة واستفحال الفساد والمحسوبيات في الإدارات الحكومية ونفوذ مجموعات أمراء الحرب وتشديد العقوبات الغربية وتبعات كورونا والجفاف وخروج زمام الأمور من سيطرة النظام السوري يستمر الوضع بالتراجع. ويدل على ذلك التضخم شبه المنفلت وتدهور سعر صرف الليرة إلى نحو 7000 ليرة في السوق الحرة أمام الدولار الأمريكي مقابل أقل من 50 ليرة قبل الأزمة. 

فقد كشفت شركة “سيرونكس” لإنتاج شاشات التلفاز في مناطق سيطرة النظام السوري أنها تدير عدة معامل بديلة تابعة لها لتمويل نفسها ودفع الرواتب لموظفيها، في ظل توقف معمل تصنيع الشاشات بسبب نقص العمالة الفنية وضعف التمويل.

وقال مدير الشركة لؤي ميداني، خلال لقاء معه على إذاعة موالية، إن الشركة بدأت بالخسارة منذ عام 2011 وحتى عام 2019، مشيراً إلى أن الرواتب عادت للموظفين في عام 2021 وذلك عن طريق التمويل الذاتي.

وعن كيفية تمكّن “سيرونكس” من تمويل نفسها بشكل ذاتي، أوضح ميداني أن الاعتماد لم يكن على معمل إنتاج الشاشات، بل على ما وصفها بالأمور بالفرعية، من خلال تشغيل خطوط إنتاج معامل صغيرة تابعة للشركة لصالح شركات في القطاعين العام والخاص.

وذكر أن الشركة قامت في معمل البلاسيتك التابع لها بإنتاج “سحاحير” الخضار لصالح “المؤسسة السورية للتجارة التابعة لوزارة تموين النظام ، وكذلك تصنيع علّاقات الملابس وأحواض داخلية للغسالات لشركات خاصة، إضافة إلى عقود كثيرة لمعمل النجارة والمفروشات، كما أشار إلى إبرام الشركة عقود مع مركز البحوث وشركات الإنشاءات لتصنيع ألواح العزل في معمل “الستيربور” التابع لها.

وذكر الميداني أن هذه المعامل التي كانت في السابق مخدمة لمعمل إنتاج شاشات التلفاز أصبحت خلال السنوات الماضية معامل رئيسية لتأمين التمويل، حتى تمكنت الشركة من توقيع عقد لإنتاج شاشات مؤخراً، وفق قوله.

وقال إن الشركة تمكّنت من توقيع هذه العقود بعد أن قدّمت خدماتها بسعر منخفض عن السوق، وضرب مثالاً على ذلك قائلاً: “أعرض تصنيع علّاقة الملابس بـ200 ليرة سورية وسعرها بالسوق 500 ليرة، وبعد التوقيع أدعم الزبون ولاحقاً أرفع السعر بالتدريج”

وأثار تصريحات مدير “سيرونيكس” موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اقترح سوريون على الشركة إنتاج جوارب أو أحذية أو أكياس خيش وغيرها.

وكانت وسائل إعلام موالية قد ذكرت الشهر الماضي أن شركة “سيرونيكس” عادت للعمل على إنتاج شاشات التلفاز بعد توقف دام أكثر من 4 سنوات، بسبب العقوبات الغربية المفروضة على النظام السوري.

ونقلت عن ميداني قوله إن التصنيع سيكون بحسب الطلب، علماً أن طاقة الشركة الإنتاجية تتراوح بين 50-100 شاشة يومياً، لافتاً إلى أن سعر الشاشة 32 بوصة سيكون 1,250 مليون ليرة والشاشة 55 سيكون 3.5 ملايين ليرة.

وتحدث ميداني حينها أن للشركة 5 معامل مختلفة عن الأجهزة التلفزيونية، وهي معمل البلاستيك، ومعمل تصنيع أحواض للغسالات ومعمل الستيريبور، ومعمل النجارة، إضافة إلى معمل المنظمات الكهربائية، ليأتي الميداني في تصريح اليوم ويكذب نفسه بنفسه، ويكشف عن واقع الشركة المخزي، كغيرها من قطاعات الصناعة الحيوية في مناطق سيطرة النظام السوري .

وما قبل البعث، كان الاقتصاد السوري قد بدأ سلم الصعود بالنمو والتنوع والتصنيع وبناء الدولة الحديثة، لدرجة أنه في تلك الفترة كانت التجربة السورية قدوة لعدد من الدول التي أصبحت اليوم من مجموعة العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم .

عندما استولى حافظ الأسد على السلطة بانقلابه عام 1970، بدأت مرحلة جديدة من التخريب المضاد واستمرت حتى انطلاق الثورة السورية مطلع عام 2011. وكانت هذه الفترة الطويلة متميزة بثبات المنهجية الفاسدة والسرية حتى وإن تعرضت أحياناً إلى بعض التموجات في الأسلوب والإخراج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.