سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
أجواء الشتاء الباردة تؤرق غالبية السوريين بسبب عدم توفر وقود للتدفئة، وارتفاع أسعاره، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي، ما يجعل الحصول على قليل من الدفء أمراً يبدو على جانب كبير من الصعوبة.
وبذلك الحال يتجه السوريون إلى الاعتماد على وسائل بدائية للتدفئة، وتنطوي في الغالب على مخاطر كبيرة وأضرار بالصحة، وخصوصاً على الجهاز التنفسي. فقد أعاد بعض سكان الأرياف السورية استخدام وسيلة بدائية للتدفئة كانت قد انتهت منذ عقود، وهي الحطب و روث الحيوانات أو ما يسمى محلياً اسم “الجلة”. ويتم تحضير أقراص “الجلة” من روث المواشي (الأبقار والأغنام)، في فصل الصيف، حيث يتم خلط الروث بمادة “التبن” وتصنيعها من ثم على شكل أقراص، ووضعها تحت أشعة الشمس حتى تجف. ورغم الروائح الكريهة التي تنبعث نتيجة احتراق الروث في المدفأة، إلا أن لسان حال الأهالي يردد المثل الشعبي “دخان يعمي ولا برد يقتل”.
ففي العامين الماضيين ارتفعت أسعار وسائل التدفئة بشكل كبير كالمازوت، الحطب المقطع، إلى الحد الذي حدّ من الإقبال على شراء هذه المواد، وخصوصاً مع انهيار القدرة الشرائية للسوريين، على اختلاف مناطق السيطرة.
وثمة وسائل أخرى بدائية تعتمد عليها شريحة واسعة من السوريين، وهي البلاستيك القديم أكياس نايلون، أحذية قديمة فقد قال لي أحد الأصدقاء المقيمين في دمشق أنهم سهروا يوم أمس على بوط عسكري قديم ، بقينا سهرانين عليه ثلاث ساعات. حسب قوله مازحا.
وحسب مصادر طبية، فإن حرق البلاستيك وروث الحيوانات، يعتبر من الأسباب الرئيسة لانتشار الأمراض التنفسية وأمراض النساء الحوامل، وقد تتسبب المركبات السامة الناتجة عن اشتعال هذه المواد بولادة أطفال يعانون من عيوب خلقية، دون التأكد من دقة هذه المعلومات من مختصين في الصحة.
وكذلك تتسب بأضرار أخرى على الصحة العامة، وقد تؤدي إلى إصابة الإنسان بضعف المقاومة بشكل عام، فضلاً عن أمراض خطيرة مثل سرطانات الكبد والدماغ والرئة. من جانب آخر، وانتشرت المدافئ التي تعمل على قشر الفستق الحلبي المتوفر بكثرة في أسواق الشمال السوري، واستخدام بعض الأهالي لمخلفات الزيتون (البيرين) كوسيلة للتدفئة. لكن، قشر الفستق ومخلفات الزيتون شهدت ارتفاعاً قياسياً في الأسعار، بسبب زيادة الإقبال عليها، مع ارتفاع أسعار المازوت المكرر محلياً، حيث وصل سعر البرميل الواحد إلى 90 دولاراً أمريكياً.
وانتقالاً للمدن الكبيرة، التي لا تتوفر فيها المواد البدائية للتدفئة، تؤكد وسائل إعلام محلية أن السوريين يعتمدون على البطانيات للتدفئة، بسبب انعدام أي وسيلة للتدفئة، وانقطاع التيار الكهربائي.
ومع عدم كفاية كمية مازوت التدفئة المدعوم التي يبيعها النظام للعائلات (100 ليتر لكل عائلة)، تضطر غالبية الأهالي إلى الالتفاف بالبطانيات، حتى أضحت رفيقة سهرات السوريين.
ويردف الموقع أن دفء البطانية سرعان ما يزول، مع الذهاب إلى السرير البارد، موضحاً أن “بعض الأهالي وجدوا حلاً لهذه الإشكالية من خلال تعبئة كيس أو عبوة بلاستيكية بالماء الساخن، ووضعها في الفراش”
وانتقالاً إلى مخيمات الشمال السوري، تشير إحصائيات “الدفاع المدني “إلى تسجيل عدد كبير من الحرائق في المخيمات خلال الأيام الماضية، أدت لوفاة طفل وإصابة11 مدنياً بينهم 4 أطفال و3 نساء.
وحسب المنظمة، فإن حرائق المخيمات تزداد بشكل كبير مع انخفاض درجات الحرارة واستخدام المهجرين لمواد خطرة في التدفئة، بسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية، في ظل غياب إجراءات السلامة، وطبيعة الخيام المبنية من القماش والبلاستيك سريع الاشتعال.