النظام السوري وتغيير معالم دمشق في ظل معاناة الشعب السوري  

دمشق – مروان مجيد الشيخ عيسى

ساحة السبع بحرات، إحدى ساحات مدينة دمشق الرئيسية، تحوي مبنى مصرف سورية المركزي، وقد أُنشئَت الساحة في النصف الأول من القرن العشرين، «رمزاً للتوسع العمراني في مدينة دمشق» بعد أن كانت المنطقة في السابق منطقة بساتين غير سكانية، زمن الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان.

وقبل أسبوع من بداية العام الجديد، فاجأت محافظة دمشق الجميع بإزالة معلم من معالم مدينة دمشق تم تشُييده في فترة السبعينيات من القرن الماضي وتعلّق به السوريون كثيراً، الأمر الذي أثار حفيظة الأهالي واستهجانهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الأولى بالمسؤولين إصلاح الطرقات وتأمين معيشة الناس، ولا سيما في الوضع المزري الذي يواجهونه حالياً.

وبدأ النظام السوري قبل يومين بإزالة ساحة (السبع بحرات) وسط دمشق والإعلان عن استبدالها بواحدة جديدة ذات تصميم غريب، حيث نشرت صوراً ومخططات قالت إنها للصرح الجديد الذي تنوي القيام به بحجة إكمالها أعمال صيانة وتأهيل المنشآت الحضارية بالعاصمة.

وذكرت المحافظة في بيانها على صفحتها في فيسبوك إزالة ساحة السبع بحرات لتجديدها، مدعية أنها ستتحول إلى شكل أكثر جمالية بمنظور حضاري حديث بمدة زمانية لا تتجاوز 6 شهور، كما إن عملية التأهيل لن تعيق حركة السير والمرور في المنطقة حسب البيان.

لكن المفاجأة الكبرى التي صُدم بها الأهالي تمثّلت بالميزانية الضخمة التي وضعتها محافظة دمشق لمثل هذا المشروع والتي وصلت إلى ما يقارب 5 مليارات ليرة سورية، ما أثار سخرية الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا مثل هذه الفكرة وسط الظروف المعيشية المتردية غير مناسبة، فالناس بحاجة إلى وقود للتدفئة وتأمين المواصلات شبه المعطلة، وليس إلى تجديد ساحات.

سخر أحد السوريين من القرار، لافتاً إلى أن العاصمة الغارقة في الظلام والبرد الأولى بمسؤوليها إطعام أهلها وتدفئتهم وليس تجميل الحجر والأرصفة والطرقات، كما انتقدت سيدة تعمل كمهندسة معمارية القرار قائلة: إن “هذه الحكومة تؤكد في كل ما تقوم به على قدرتها ومهارتها بالتخريب والتدمير بدل الإعمار وإعادة التأهيل المزعومين.

وتابعت أن الفساد والنهب متواصلان في البلد من قبل من استلموا إدارتها وإن هذه الساحة المطلة على البنك المركزي ليست بحاجة ماسة لمثل هذا التغيير الحضاري الذي يدعونه، في وقت ينتشر فيه ركام الأبنية المدمرة على مدى البصر في الكثير من الأحياء، معتبرة أن مثل هذه الخطوة استفزاز للأهالي ولا سيما بعد إغلاق عشرات المحلات والورش الحرفية في المنطقة المحيطة بالساحة.

وبحسب الصور الأرشيفية وكتب التاريخ الحديث، فإن الساحة تم إنشاؤها عام 1925 وسط العاصمة دمشق في وقت كانتٍ تخضع فيه للاحتلال الفرنسي وسُمّيت باسم ضابط يدعى ديكار بانتري الذي قُتل على يد الثوار عام 1921.

وبعد ذلك، أنشئت الساحة على هيئة قبة محمولة على 4 أعمدة منتهية بأقواس النصب التذكاري، وتحيط بها سبع بحرات (نوافير) صغيرة الحجم وصولاً إلى البحرة الرئيسية.

وفي عام 1946 أُزيل النصب التذكاري الفرنسي وأطلق على الساحة اسم “ساحة 17 نيسان” لتخليد ذكرى الجلاء، إلى أن أعيد تسميتها في عام 1973 تحت اسم (ساحة التجريدة المغربية) لكن أهل دمشق اعتمدوا تسميتها ساحة “السبع بحرات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.