البوسطة في ذاكرة أبناء دير الزور وريفها تروي رحلات الريف والمدينة

دير الزور – مروان مجيد الشيخ عيسى 

قليل منا لا يعرف تلك الأغنية التي اشتهرت لفترة من الزمن وتغنيها فيروز. لكن من يعرف سبب وجود البوسطة قليل. إلا أفي ديرالزور وريفها أو من عاش في حقبة الستينات والسبعينات.

أما كلمة بوسطة فتعني الحافلة العمومية المخصصة لنقل الركاب بالأجر بين المدن والقرى، وهي تمثل فاتحة اجتماعية في حياتهم حتى الآن، بدليل استعمالها في اللهجة المحكية، وكذا في الأغاني الرائجة. فالكلمة تدق بال مؤلفي الأغاني لصلتها بنبض الحياة اليومية.

وأخذت اسمها من مفردة البريد بوست وهي لا تزال كذلك في مصر والشام. ومعروف عن البريد انتظامه وسرعته، بدءا من الخيول التي كانت تحمل البريد عبر محطات استراحة وتغيير الخيل لضمان وصول الرسائل والطرود. وتاريخ البريد معروف لمن أراد أن يتعمق في وعي الناس وارتباطهم في الخدمة. ولا يزال في إنجلترا يوزع ثلاث مرات يوميا، أو حسب حجم المدينة.

والبوسطه في ذاكرة أبناء دير الزور هي عبارة عن وسيلة نقل، تتسع لعدد أكثر من الركاب ، بالنسبة لحجم السيارة العادية.

ومنذ اربعينيات القرن الماضي دخلت وسيلة نقل الركاب إلى ديرالزور مرورا بالميادين، وصولاً إلى البوكمال.

ويقال أنه كان من يمتلك تلك البوسطه المرحوم أحمد الحلوم.

وكان يقودها بنفسه، من دير الزور إلى الميادين وصولاً إلى البوكمال ، حتى ارتبط اسم الحافلة بإسمه بين الناس.

وجميع المسافرين ينتظر تلك الحافلة لكي يتسنى له السفر بها.

لكن أحمد الحلوم رحمة الله علیه، كان يضع داخل البوسطه ضعفين من عدد الركاب، ومن الأعلى أيضا يضع ركاب ، وعلى جانب السيارة يضع أكياس من القطن، ويجلس بعض الركاب فوقها.

ثم يربط الجميع بالحبال، ومن الأمام فوق غطاء المحرك يتمدد بعض الركاب مربوطين بالحبال.

ولا نستغراب في الموضوع، لأن جميع من يريد السفر بتلك البوسطه الوحيدة، يجب عليه تحمل خطورة السفر، وتعبه.

وعندما تصل الحافلة إلى دير الزور  ليحمل ركاب من المدينة، لابد من أخذ قسط من الراحة.

وكان أبناء الريف يتجمعون بالقرب من أحد الجراديق مثل جرداق رزوق بعد الانتهاء من شراء حوائجهم 

وتجد عدد من الباعة ينتظرون قدوم الحافلة، لكي يبيعون السمبوسك أو الدخان أو سكاكر ناشد إخوان أو غيرها للركاب، بتلك الفترة، وكانت محببه لدى الناس، 

ثم تكمل البوسطه طريقها إلى مدينة البوكمال، وبسبب التوقف المتكرر بالطريق بين ديرالزور، والبوكمال.ثم ينزل ركاب، ويحمل ركاب.

فالسفر يطول لمدة ساعات بين ديرالزور، والميادين، والبوكمال.

لذالك يتملل الركاب من عناء السفر، والقصص الحكايات كثرت عن تلك الحافلة والمسافرين بها.

ومع هدير صوتها تتعالى أصوات الركاب ويتبادلون أطراف الحديث والقصص عن حياتهم في تلك الفترة وكانت من البوسطات ما تتجه نحو الحسكة إلى القامشلي عابرة الريف حاملين معهم مايحتاجونه من مؤونة أو ماكانوا يطلقون عليه بالمدينة تكفيهم شهورا لبيوتهم ويبقى هدير تلك الحافلات يدندن في ذاكرة من عاصروها في زمن الحب والخيروالعطاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.