كيف سيدعم النظام السوري أردوغان في الانتخابات التركية القادمة

شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى

ربط معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى  بين تطبيع تركيا مع عدد من الدول والنظام السوري، بالوضع الداخلي التركي وخاصة الانتخابات الرئاسية، معتبرا أنها “لعبة محفوفة بالمخاطر”.

وقال المعهد في تقريره، إن الخط الفاصل بين السياسة المحلية والخارجية في تركيا أصبح رفيعا للغاية، وأن الربط بينهما بات ركنا أساسيا في حملة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإعادة انتخابه.

وأضاف التقرير، أن عملية إصلاح العلاقات مع النظام السوري ناتجة عن حسابات انتخابية، لكن على نطاق أوسع بكثير.

فأردوغان وحزب العدالة والتنمية، يسعيان فقط لكسب أصوات انتخابية معينة في تركيا، وقطع الطريق على المعارضة التركية، وهذا الأمر حقيقي وحاليا أردوغان، يحاول أن يستغله.

ولا بد من التمييز بين الدولة التركية وبين حزب العدالة والتنمية، فالانتخابات القادمة هي انتخابات بين أحزاب، وأيا كان الحزب الذي سيأتي للسلطة في تركيا فلن يستطيع الانفتاح على النظام السوري ، فالكل يستطيع المتاجرة بملف العلاقات مع النظام ، لكن لا يستطيع الانفتاح عليها بشكل حقيقي، وبالتالي هنا يجب التمييز بين التقارب بين حزب العدالة والتنمية والنظام السوري ، وبين تقارب الدولة التركية والنظام ، فالتقارب الحالي لأغراض انتخابية.

في الآونة الأخيرة كثرت التصريحات التركية الرسمية حول اللقاءات الأمنية مع دمشق، كما صرح مسؤولون سياسيون أتراك بأن هناك إمكانية للتقارب وعلى رأسهم الرئيس التركي، ووزير خارجيته جاويش أوغلو.

فهناك زخم كبير في تصريحات الحكومة التركية نحو الانفتاح مع دمشق، وإجراء محادثات معها، وإجراء لقاءات أمنية والتصريحات حول هذه اللقاءات، وهذه الخطوات التي قامت بها الحكومة التركية كانت بدفع وتشجيع روسي، ولكن في مقابل ذلك هناك برود من جانب دمشق، التي تحاول إحراج الحكومة التركية أمام فئة معينة من الناخبين تلك نفسها التي يسعى حزب العدالة والتنمية لاستقطابها في الانتخابات القادمة.

فالنظام، يدرك أنه لا يمكن لأحد أن يقوم بالانفتاح عليها إلا بقرار أميركي واضح، لذلك تسعى لإحراج حكومة أردوغان وجعلها تخسر أصوات الناخبين، لذلك فإن ما تقوم به حكومة أردوغان، بالمراهنة على النظام فيه مخاطرة لا يستهان بها.

فالتقرير الأميركي، لفت إلى أن أردوغان وحزبه، يسعيان إلى إيجاد حل سريع لملف اللاجئين السوريين، بسبب الوضع الاقتصادي والاستياء الاجتماعي، وهما مساران يحددان الخطاب الانتخابي.

واعتبر التقرير، أن التعاون مع الأسد صعب، لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، مرجحا أن أردوغان سيلعب ورقته الأخيرة مع الأسد، للحصول على وعد يرمي إلى إعادة نحو أربعة ملايين لاجئ إلى سوريا، من أجل الفوز بالانتخابات.

فالنظام قد يطلب بعض التنازلات من أنقرة، لكن ماهيتها لا تزال غير معلومة، ولكن ربما تطلب إسكات بعض الأصوات المعارضة في تركيا، والضغط على الائتلاف للخروج بتصريحات عن المصالحة مع النظام، ومطالبة المعارضة بإيقاف ملاحقة رموز النظام في الخارج، هناك أمور كثيرة قد يستغلها النظام في هذا الملف.

والحكومة التركية لن تكون خاسرة في هذا الأمر لأن التنازلات سوف تكون عن طريق المعارضة السورية فقط، فالحكومة التركية لا تقدم تنازلات خاصة بها لدمشق، لأنها لا يوجد شيء تقدمه، فهي لن تنسحب من سوريا ولن توقف تدخلها في الملف السوري.

وإحدى أبرز النقاط التي يركز عليها أردوغان، في الوقت المتبقي قبل الانتخابات، هي ورقة اللاجئين السوريين في تركيا، وإيجاد أرضية ملائمة لعودتهم من خلال تفاهمات معينة مع النظام السوري ، وهي أهم الأوراق الرابحة في الانتخابات.

ولا يوجد أي انفتاح حالي على النظام ، فأي تصريحات تصدر، هي إعلامية ولا تتجاوز أي لقاءات أو مفاوضات تجري من قِبل تركيا أو أي دولة أخرى مع النظام ، المواضيع الأمنية، فالجميع يعلم أن هناك فيتو عربي سعودي مصري على هذا الانفتاح، إضافة للرفض الأميركي.

وأردوغان، قال في لقاء تلفزيوني مؤخرا: استخباراتنا تجري مفاوضات هناك في دمشق، ونحن نحدد خارطة طريقنا بناء على نتائج جهاز الاستخبارات.

وأوضح أردوغان، أن هدف تركيا في الشمال السوري، هو تأمين عدد أكبر من المناطق، لزيادة عدد البيوت التي سينتقل إليها اللاجئون السوريون في تركيا، وأشار إلى أن الهدف في المرحلة الأولى تأمين 100 ألف مسكن، ثم زيادتهم إلى 250 ألفًا في المرحلة الثانية.

وشدد أردوغان، على ضرورة الاستعداد للعودة الطوعية والآمنة والمشرفة للسوريين إلى بلادهم، قائلا، لا يمكننا أن نقول سنرحلهم إلى سوريا كما قال حزب الشعب الجمهوري، أو غيره بمجرد وصولهم إلى السلطة، ليس هذا هو الحال سواء في حضارتنا أو في ثقافتنا.

العديد من التكهنات ظهرت حول اللقاءات الاستخباراتية بين الطرفين، حيث يذهب البعض إلى أنها تمهيد لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، فيما يرى آخرون أنها لا تعدو مفاوضات أمنية تتعلق بعض المسائل، وعلى رأسها عودة اللاجئين السوريين، واستمرار السيطرة التركية على مناطق في شمال سوريا، ومحاربة ما يسميه الطرفان الإرهاب كل من وجهة نظره.

وجل تركيز أنقرة ينصب في الوقت الحالي على الحصول على ضمانات من النظام ، من أجل تهيئة الأوضاع الملائمة لعودة اللاجئين السوريين، وهو ما تسعى إليه من خلال اللقاءات الاستخباراتية.

وتركيا حتى الآن غير مهتمة بقدر كبير بالوصول إلى لقاء دبلوماسي مع دمشق، ولكن هذا اللقاء من الممكن أن يكون أحد مطالب النظام ، لتأمين المتطلبات التركية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.