شهادتي على الثورة السورية لله ثم للتاريخ

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

رغم حالة الجمود التي تعتري الثورة، ورغم ما عاناه السوريون في مواجهة أكبر مآسي التاريخ العربي المعاصر، بقي الشعب السوري مصراً على نيل حريته، ولم يزل الشعار الأكثر شهرة من بين جميع الشعارات التي رددها ملايين السوريين “الشعب يريد إسقاط النظام” شعاراً متقداً في كل التظاهرات، يقود ملايين السوريين نحو هدف واحد.

فاندلاع الثورة السورية، التي انطلقت على هيئة احتجاجات في شهر آذار 2011 من درعا جنوب البلاد، ثم انتقلت إلى كل المناطق، وشكلت هذه الاحتجاجات السلمية نقطة تحول في تاريخ سوريا، شارك فيها ملايين السوريين من كافة الشرائح والأعمار، ضد نظام حكم قمعي يستند إلى ديكتاتورية عسكرية بعثية فاشية عفنة، رفض المطالب الشعبية المحقة في انتخابات ديمقراطية تنهي حالة حكم المتوارث، وتغول الأجهزة الأمنية.

المطالب الشعبية، قابلها النظام السوري بالحديد والنار، منذ بدايتها ورغم سلميتها، فأخرج قواته من الثكنات، وسمح لهم بقمع المظاهرات بالقوة، فاستخدموا الرصاص الحي ضد المتظاهرين، ما أدى على مقتل آلاف الضحايا، بموازاة عمليات دهم واعتقال تعسفي.

ولما دفع النظام السوري، الثوار دفعا إلى حمل السلاح، استخدم للقضاء عليهم، المدافع الثقيلة والدبابات، وسخر سلاح الجو لاستهداف وقصف المناطق الثائرة، وجند ميليشيات محلية بدأت بكتائب البعث التي ضمت كل مخبري النظام في جميع المؤسسات والدوائر ثم الأنصار لكل فرع أمن كأنصار أمن الدولة والأمن العسكري وماسمي بالمقنعين أو الدفاع الوطني لدعم ومساعدة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ما فتح الباب على مصراعيه، أمام هذه القوى، لممارسة أفظع أنواع الانتهاكات، وصل الكثير منها إلى جرائم ضد الإنسانية والمصيبة أن الكثير منهم انضم لاحقا لكتائب الجيش الحر أو جبهة النصرة أو تنظيم الدولة “د ا ع ش” ومنهم من شكل كتائب كان كل همها القتل والتشليح وسرقة سيارات ومنشآت البلد كالمدارس والصوامع والكهرباء والمياه وآبار النفط وحقولها فكان هناك كتائب الحب وكتائب آبار النفط وكتائب النحاس وكتائب سيارات المؤسسات وكانت الأسواق مفتوحة لبيع غنائمهم واشتهرت باسم عرعورية

فخلال طرد النظام وشبيحته من حقول النفط والغاز والمؤسسات، استبيحت معداتها وآلياتها لصالح الأمراء وقادة الكتائب والألوية لدرجة أن تفرغ حقول الجبسة والعمر ورميلان من جميع معداتها وسياراتها ومضخاتها عدا براميل الزيت والبطاريات والكابلات وأجهزتها لتباع علنا في الأسواق وتؤخذ السيارات إلى مقرات وبيوت أبو علي وأبو قعقاع وأبو معاوية وأبو حديد وأبو جهاد وكأنها ملكهم ورثوها عن آبائهم أما صوامع الحبوب فقد تم استباحتها وتقاسمها بين عناصر الكتائب والألوية طبعا هذا عدا ما تم نهبه من أموال من الداعمين بحجة مساعدة أهل البلد فقد سرقت أموال الإغاثات عن طريق من ادعى أنه يقود الثورة في منطقته وأهل الثورة الحقيقيين وعوائل الشهداء والمعتقلين يكابدون الجوع والعوز. 

والصنف الآخر من سراق الثورة قيادات المجالس العسكرية وما تم فتحه في تركيا من استثمارات تابعه الجميع لآل علوش وغيرهم دليل ملموس على نهب أموال الشعب السوري أما الصنف الآخر فهم جميع أعضاء مايسمى بالإئتلاف ومعارضة الفنادق الذين لم يتركوا طريقة إلا وسرقوا الأموال عن طريقها وراحوا ينعمون بالأموال في فنادق الخمس نجوم في اسطنبول بين الخمارات والملاهي والمراقص لتشهد اقصراي وغانياتها على مجونهم وحسب اعتراف الماجنة سهير الأتاسي أنها لم تسرق لوحدها ملايين الدولارات فكل الأعضاء سرقوا .

وكل هذه الأمور أحرفت مسار ثورة الكرامة والحرية 

لتتحول هذه الثورة الشعبية، التي فشلت في الوصول إلى أهدافها وعلى رأس هذه الأهداف إزاحة رئيس النظام بشار الأسد عن منصبه، إلى صراع متعدد الأطراف انزلقت إليه قوى عالمية، إذ لم يكن للنظام السوري أن يصمد في وجه العاصفة الشعبية، لولا دعم حلفائه وفي مقدمتهم إيران وروسيا، حيث ساندت هذه الأخيرة، النظام السوري سياسيا وعسكريا، وتدخلت بشكل مباشر في الميدان نهاية أيلول 2015، ووفرت لقوات النظام الأسلحة، وأمنت لها التغطية الجوية في عمليات الاقتحام والتوغل في مختلف المدن والقرى السورية، كما قصفت أهدافا مدنية بما فيها المستشفيات والمدارس والتجمعات السكنية، واستعمل النظامان سياسة الأرض المحروقة وسلاح الحصار والتجويع، ما مكنهم من استباحة المناطق الآمنة، واقتحامها والتوغل فيها، ثم إعادة السيطرة على جزء كبير من الجغرافية السورية، التي كان النظام قد خسرها لصالح الثوار، وفقد السيطرة عليها.

هذه شهادتي لله ثم للتاريخ في ثورة بدأت بصداح أصوات أطفال درعا هزت عروش الطغاة في كل أنحاء العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.