شكلت سوريا عبر تاريخها الغارق في القدم عنواناً للتشريع والقانون وكانت الشرائع المختلفة في سوريا القديمة أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة من بابلية وحثية وأكادية وغيرها ويعود أقدمها إلى تاريخ ٢٣٦٠ ق.م الذي اكتشف في مملكة ماري التي أُسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.
ومع التطور المدني والاجتماعي خاصة في التاريخ المعاصر بقيت سوريا مركزا للتشريع والتقنين على الأقل في محيطها الجغرافي على الرغم من كل الشوائب والتقلبات السياسية والاجتماعية التي عصفت بها
ويمكن القول إن التاريخ السوري مر بأنظمة الحكم: الملكي النيابي أو البرلماني والرئاسي سجل كل منها قوانينه ودساتيره الخاصة كتبت وأُقرت وفقاً للظروف السياسية والاجتماعية في كل مرحلة فقد نص دستور المملكة السورية في مواده الأولى على أن حكومة المملكة السورية العربية ملكية مدنية نيابية شكل الدولة اتحادي ولكل مقاطعة حكم ذاتي ومجلس نيابي وحكومة محلية وأعطى ضمانات واسعة للحريات المدنية والدينية والشخصية وأشار صراحة إلى الطوائف والإثنيات في سياق حقها في إقامة شعائرها الدينية
كما نص دستور ١٩٢٠ على أن يكون ملك البلاد محترماً وغير مسؤول ويدين بالإسلام وهو ما أخذه الملك فيصل عن دستور السلطان عبد الحميد الذي ربط بين دين الإسلام والسلطة الأمر الذي استمر في جميع الدساتير السورية اللاحقة.
أما بعد إنقلاب حافظ أسد فكان الدستور الجديد على معظم مواد دستور ١٩٧٣ولم يتضمن أي تعديلات جوهرية سوى أنه أضاف ١٤ مادة وأدخل ٤٧ تعديلاً عليه بالإضافة إلى المادة الثامنة التي تنص على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو القائد للدولة والمجتمع
كما أن هذا الدستور الذي أقل ما يقال عنه بأنه نسخة مشوّهة عن الدساتير التي شرعت الاستبداد طرح للاستفتاء العام في ظل انتشار الجيش وقمعه لمناطق واسعة من البلاد وفي ظل تجاهل لإرادة تيارات وقطاعات واسعة من المجتمع السوري ما يؤكد أن هذا الدستور لا يعد عقداً اجتماعياً معبراً عن إرادة جامعة للسوريين بل يمكن اعتباره مبايعة للأسد تحت فوهات بنادق جيشه.
وبعد اندلاع الثورة السورية وتحت الضغط الدولي أقر نظام الأسد الابن دستوراً أقل ما يقال عنه بأنه نسخة مشوهة عن دستور والده الذي أقره في العام ١٩٧٣ شمل تعديلات صورية من وجهة نظر نظام الأسد وعلى غرار والده خالف إقرار هذا الدستور المنطق الطبيعي لإصدار الدساتير الذي يقضي بأن تشرعه وتصدره وتقره جمعية تأسيسية منتخبة ومؤتمر وطني عام وشامل بعد مناقشة مستفيضة لبنوده ومبادئه الأساسية وهو ما لم يتوفر في الدستور الجديد حيث أصدر بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بتأليف لجنة لإعادة كتابة الدستور برئاسة المحامي مظهر العنبري المساهم في وضع دستور والده في العام ١٩٧٣.