بعد انتظار طويل لمؤتمر بروكسل الذي شكل اختباراً عملياً لمسار الدعم الإغاثي الدولي المقدم سنوياً للسوريين المتضررين رغم أن المتضررين الحقيقيين ومنذ بداية الثورة السورية ولساعة كتابة هذا المقال لم يصلهم شيء منها ففي الوقت الذي كانت فيه التصريحات الغربية تؤكد استمرار حضور الأزمة ضمن أجندة أولوياتها كانت التبرعات والتعهدات المالية للدول المشاركة تظهر تراجعاً واضحاً سواء بالنسبة إلى المبالغ المالية المطلوبة لمساعدة أكثر من ١٥ مليون سوري يواجهون بحسب المنظمات الأممية أوضاعاً اقتصادية صعبة أو بالنسبة إلى الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها أسعار الغذاء والدواء وغيرهما من الاحتياجات الرئيسة خلال الأشهر الماضية فقد كان واضحاً انخفاض قيمة الدعم السنوي لسوريا والذي بلغ ٦.٤ مليار يورو منها حوالي ٤ مليارات يورو لعام ٢٠٢٢ وحوالي مليارَين لعام ٢٠٢٣ وما بعده يضاف إليها حوالي ١.٧ مليار يورو قروض ميسرة لعام ٢٠٢٢وما بعده وذلك بانخفاض قدره حوالي مليار يورو عن العام السابق ولولا تدخل المفوضية الأوروبية لرفع مساهمتها من نصف مليار إلى مليار ونصف مليار لكان الانخفاض أكبر من ذلك
وإذا ما جرت مقاربة الوضع لجهة ارتفاع معدل التضخم خلال الفترة الفاصلة بين النسخة الخامسة من المؤتمر في العام الماضي والنسخة الحالية فإن الانخفاض يصبح أكثر حدة إذ وفقاً لتقديرات منظمة الفاو فإن أسعار السلع الغذائية مثلاً زادت عالمياً خلال الشهر الأول من عمر الأزمة الأوكرانية بنسبة تتجاوز ٢٠% وهو ما يعني أن الدعم الإغاثي سيكون متأثراً بتراجع حجم التبرعات الدولية الفعلية من جهة وأيضاً بتراجع القيمة الشرائية للمبلغ نفسه في ظل موجة الغلاء وتراجع إنتاج الغذاء على المستوى العالمي من جهة ثانية فالأمر لا يتعلق فقط بما يعلن من تبرعات وإنما بما يقدم فعلياً فبيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية تظهر أن ما تم توفيره من تبرعات خلال عام ٢٠٢١ لا تتجاوز نسبته ٥٠.١% من إجمالي خطة الاحتياجات المقررة لدعم السوريين والبالغة ٤.٢ مليارات دولار وفي هذا العام لم تتخطى تلك النسبة إلى الآن أكثر من ٩%فضعف الدعم للسوريين سببه الأساسي الأزمة الأوكرانية.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى