في قديم الزمان اشتهر أحد الأثرياء في مدينته بالكرم والسخاء فكان يساعد كل المساكين والمحتاجين والفقراء وكان لديه خير ومال كثير وثروة طائلة ولكن كانت له عادتان سيئتان فقد كان يتفاخر على المساكين والمحتاجين وهم يعطيهم الصدقات فإذا جاءه أحد الفقراء يطلب منه درهماً كان يقول له بصوت مرتفع أمام الناس : هل ترغب في درهم واحد فقط أنا لا أعطي درهماً فقط خذ هذه الدراهم العشرة وكان أيضاً هذا الثري إذا مر علي غير محتاج كان قد أعطاه صدقة من قبل يقول له أمام الناس بصوت عال : ماذا فعلت أيها الرجل بالمال الذي أعطيته لك من قبل هل حللت به مشاكلك؟
ولذلك نفر منه الفقراء وكانوا لا يحبونه على الرغم من أنه يتصدق عليهم بسخاء وكرم طوال الوقت حتى وصلوا أنهم كانوا يتمنون لو يكف عن مساعدتهم حتي لا يتفاخر عليهم بين الناس بهذا الشكل المهين ولكن الثري لم يعدل عن هذه العادة السيئة بل استمر يتباها ويتفاخر أمام الناس بما يملك وبما يساعد به الفقراء من أموال وخيرات
وذات يوم قرر أحد الاشخاص أن يلقن هذا الثري المتفاخر درساً لاينساه أبداً ويعلمه أن ما يفعله سئ للغاية ويعد خطأ كبيرا يضيع أجره وثوابه من الله سبحانه وتعالى جلس هذا الشخص في يوم من الأيام في الطريق الذي يمر به الغني كعادته وارتدي ملابس بالية قديمة ممزقة ووضع أمامه كوباً صغيراً فارغاً وأخفي جزءا منه في التراب ثم انتظر حتي مر من أمامه الغني وقال له : يا أخا العرب هل يمكن أن تضع لي درهماً في هاذا الكوب ففعل الغني مثلما يفعل في كل مرة وضحك بصوت مرتفع قائلاً في تفاخر : أنا سوف املأ هذا الكوب بالكامل بدراهم ودنانير كثيرة و نادا على أحد أتباعه و أمره ان يملى هذا الكوب بدراهم وبالفعل بدأ الرجل يضع درهماً تلو الآخر حتي وضع مئة درهم ولكن الكوب لم يمتلئ
فأمسك الرجل بكيس الدراهم وأفرغه كله في الكوب ولكن دون فائدة ايضاً فلم يمتلئ الكوب فقال له الفقير : إن الكوب لم يمتلئ يا سيدي، نظرا له الغني قائلاً : ولكن أنا أموالي نفذت تماماً و أصبح أمراً عباً ثقيلا فأجابه الرجل : هل تعلم لماذا
ثم رفع الكوب فوجده مثقوباً من أسفله و قد حفر تحته حفره عميقه ثم قال له الرجل : لقد ابتلعت هذه الحفرة كل أموالك وكذلك هو التفاخر والتباهي بكرمك وسخاءك وعطائك للفقراء والمحتاجين فإنه يبتلع أجرك وثوابك ثم رد إليه الرجل أمواله وهكذا فهم الغني الدرس والعبرة من القصة : الكثير من الناس للأسف في هذه الأيام أصبحوا يتفاخرون بالأعمال الصالحة مثل الحج ومساعدة الفقراء والكرم والسخاء وغيرها من الصالحات أمام الناس ويصورون هذه الأمور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولا يعلمون أن هذا يعد فخراً وتباهياً بهذه الأعمال فهو حفرة يضيع فيها الأجر والثواب .
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى