بين أردوغان والمعارضة يتأرجح ملف اللاجئين السوريين..

 زعيم حزب الحركة القومية “دوليت باهتشيلي”: “السوريون الذين يستطيعون الذهاب إلى بلدهم في أيام العيد لا داعي لأن يعودوا ابداً”.

بهذه الكلمات صرح باهتشيلي عن رفضه لتواجد السوريين في تركيا، حيث أصبح الحديث الرائج في الأيام الأخيرة هو موضوع اللاجئين في تركيا بالدرجة الأولى، وبحسب الرأي العام، عند الحديث عن اللاجئين، يتبادر إلى الذهن السوريون أو يُطالب ذكرهم على وجه الخصوص، في حين، أن هنالك مواطنون من دول أخرى بالإضافة إلى سوريين (3.7 مليون) في هذا البلد، لكن لسبب ما، بعضهم يستخدم اللاجئين ذريعة، ويأخذ الأمور إلى حد العداء تجاههم. ويقوم البعض بذلك بدافع الجهل، لكن البعض الآخر يفعل ذلك بوعي وإدراك تام. 

انطلاقاً من منتصف عام 2011 ، قدم حزب العدالة والتنمية؛ (وما زال يقدم) دعماً غير محدود لعشرات التنظيمات المتطرفة التي تضم عشرات الآلاف من المسلحين للإطاحة بالأسد، وشجعت السوريين على الفرار، وترك مدنهم وقراهم وأملاكهم، وأبقت الحدود مفتوحة في كلا الاتجاهين، وحالت دون حل الأزمة السورية.

في 18 تشرين الثاني / نوفمبر 2021، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال حديث له في جامعة أرجييس بولاية قيصري وسط تركيا: “كما تعلمون جميعاً، تلبي بلادنا الاحتياجات الإنسانية لحوالي 9 ملايين من الأشقاء السوريين داخل تركيا وفي الأراضي السورية”.

هذا يعني أن المشكلة لا تقتصر على 3.7 مليون لاجئ في تركيا، لأن حزب العدالة والتنمية يلبي أيضاً “الاحتياجات الإنسانية” لـ 5.3 مليون سوري يعيشون في الأراضي السورية التي تسيطر عليها القوات التركية.

كما أنه يلبي الاحتياجات الأساسية واللوجستية والفنية والعسكرية للجيش الوطني السوري الذي أسّسه هو بنفسه، ولكن إلى متى سيتسمر الأمر على هذا المنوال؟

لو كان الأمر بيد حزب العدالة والتنمية، سيتمنى أن يستمر هذا الأمر “إلى الأبد”، لأن أنقرة في الحقيقة لا تنوي حل المشكلة السورية.

بالتأكيد لن يعود أحد من اللاجئين ولن يفكر حتى بالعودة إلى سوريا، مادامت الأزمة والمشكلة السورية لم تُحلّ بعد، وما دامت المنطقة التي تسيطر عليها تركيا في الشمال تكتظ بعشرات الآلاف من المسلحين المنتسبين للعديد من التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم جبهة النصرة، وبالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة للغاية التي تعيشها سوريا بسبب العقوبات الغربية.

فـ حزب العدالة والتنمية، الذي لديه حسابات مختلفة وفقاً لأجندته الخاصة، لا يريدهم أن يعودوا إلى بلدهم سوريا، بل يوفر لهم الراحة في كل مسألة حتى لا يذهبوا.

ووفقاً لذهنية السلطة الحاكمة في أنقرة، هؤلاء أبناء الأمة وإخوة في الدين! وسيبقون في تركيا، طالما بقي حزب العدالة والتنمية في السلطة.

حزب العدالة والتنمية، سيفعل ما يشاء فيما يخص هذا الأمر كما فعل في كل الأمور الأخرى حتى الآن، ويمكنه حل مشكلة اللاجئين بسهولة شديدة إذا أراد ذلك، وإن لم يشاء حزب العدالة والتنمية ذلك، فلن يتم حل هذه المشكلة أبداً.

باختصار، يمكن القول ” عندما تقول حزب العدالة والتنمية يعني أنك تقصد أردوغان بحد ذاته.” لأن أردوغان، الذي أصبح الحاكم الوحيد والمطلق للبلاد بعد وقبل الاستفتاء الذي أجري قبل خمس سنوات ١٦ أبريل\نيسان، اتخذ قراراته بمفرده في كل قضية في السياسة الداخلية والخارجية.

بغض النظر عن مدى قدرة المعارضة التركية على الخوض في الحديث بهذا الموضع (الحكم المطلق)، فهذا لن ينجح في ثني أردوغان أو لجمه.

المعارضة التي لم تتخذ أي إجراء سوى الحديث عن مليوني بطاقة اقتراع غير مختومة استخدمت في الاستفتاء، مسؤولة عن كل ما جرى بعد ذلك، بما في ذلك رفع الحصانة عن النواب وقرارات الحرب التي تؤيدها.

أردوغان، الذي لا يكتفي بعدم الاستماع للمعارضة والشخصيات المعارضة في قضايا أكثر أهمية بكثير، والذي يكيل لهم الاتهامات في كل أمر، من المستحيل دفعه لاتخاذ خطوة تجاه عودة اللاجئين.

هذه المشكلة لا يمكن ولن يتم حلها بالقول “سوف نعيد السوريين”، كما يحلو للشخصيات المعارضة التلفظ بها في كل مناسبة.

يمكن حل المشكلة من أساسها عبر تغيير كامل للسياسة الخارجية التركية مع سوريا، وإذا لم يحدث ذلك، فسيكون من الممكن تغيير حكومة حزب العدالة والتنمية وإحضار تحالف الأمة المعارض إلى السلطة.

ولكن أولاً، يجب على الأحزاب الستة داخل الحلف المعارض أن تعلن بوضوح ما تفكر فيه بشأن هذه المسألة، ثم توضح بصفتها (تحالف الأمة) أنها اتفقت على خطة مشتركة حول قضية تواجد اللاجئين السوريين في تركيا.

قد تستند هذه الخطة إلى منظمة السلام والتعاون في الشرق الأوسط (OBIT) ، التي اقترحها زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض “كمال كيلجدار أوغلو” في عام 2018، والتي ستتشكل كلاً من سوريا والعراق وإيران وتركيا.

 

في نهاية المطاف الرمد أخير من العمى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.