إن الوضع في سوريا يمر بأحلك الأيام فالاقتصاد السوري يسير من سيء إلى أسوأ ويرجعون ذلك إلى سيطرة روسيا وإيران على الجزء الأكبر من الاستثمارات السيادية الغاز و الفوسفات والكهرباء وإلى غياب الحل السياسي بفعل تعنت النظام واستمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية على النظام السوري وكبحها لأي تقارب اقتصادي وسياسي مع النظام السوري
فما يعانيه غالبية السوريين من انقطاع الكهرباء لأكثر من ٢٠ ساعة في اليوم والطوابير على الخبز والمحروقات إلى جانب الازدحام على مراكز إصدار وثائق السفر للهجرة هرباً من الواقع المعيشي في الوقت الذي يواصل النظام سياسة التمويل بالعجز نتيجة ارتفاع نسبة العجز في الموازنات المالية السنوية
ووفق أرقام أممية يعيش تحت خط الفقر في سوريا ٩٠ في المئة من السوريين
حيث يفتقر ٩ ملايين و٣٠٠ ألف شخص في سوريا إلى الغذاء الكافي في الوقت الذي ارتفع فيه عدد من يفتقر إلى الغذاء إلى مليون و٤٠٠ ألف وإحصاءات أخرى فأكد تصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقراً بالعالم بنسبة بلغت ٨٢.٥ في المئة ففي ظل هذه الأرقام الكارثية تطرح تساؤلات عن مستقبل الاقتصاد في سوريا في العام الجديد خصوصا مع بروز مؤشرات دولية على تخفيف حدة الضغط الاقتصادي على النظام السوري فأي تحسن في الاقتصاد السوري مرتبط بمدى الانفتاح الخارجي على النظام السوري إقليمياً ودولياً مبينا أنه على سبيل المثال لدينا حاليا مشروع خط الغاز العربي إذ من شأن البدء بتنفيذه تحقيق انفراجة جزئية لدى النظام وهو ما لم يتضح بعد حيث لا زالت مصر تطالب بضمانات أمريكية قبل بدء ضخ الغاز إلى لبنان مرورا بالأردن وسوريا هناك كانت الجهود الروسية لتعويم النظام السوري وفي حال نجاح روسيا بذلك قد يطرأ التحسن على الاقتصاد السوري
ويبدو أيضا مسألة تحصيل الديون هو الشغل الشاغل للإيرانيين في سوريا حاليا حيث تتجه طهران إلى الاستحواذ على كل ما تبقى من مؤسسات ومصانع واستثمارات بهدف استرداد ديونها ما يعني خسارة النظام ما تبقى من قطاعات إنتاجية وخدمية كانت تدر بعض العائدات المالية فتصبح لصالح إيران
في المقابل تبدو روسيا غير مهتمة بالملف الاقتصادي السوري بعد أن حازت على ما تريده موانئ وحقول غاز و فوسفات و قطاعات سياحية و مطارات إدراكا منها لحجم الانهيار الاقتصادي و قد قدرت تكلفة إعمار سوريا بنحو ٨٠٠ مليار دولار أمريكي فالخراب يسود سوريا وبحسب بعض التقديرات تبلغ قيمة إعادة بناء هذه الدولة ٦٠٠ مليار دولار ووفقا لتقديرات أخرى هي ٨٠٠ مليار دولار وربما أكثر من ذلك بكثير
واستنفذ النظام السوري بعد ١١ عاما معظم مواردها المالية وسيكون من الصعب جدا تجاوز هذا الوضع بدون مساعدة فعالة من المجتمع الدولي
ومما يزيد الطين بلة تواصل الليرة السورية مسارها غير المستقر أمام العملات الأجنبية وتشهد من وقت لآخر انخفاضات متتابعة بنسب صغيرة جدا
وحالة التذبذب تعود لحوامل الاقتصاد السوري الضعيفة التي تؤهل الليرة السورية لتعكس ذلك كون معظم هذه العوامل متآكلة ومستمرة بالتآكل.