ربيع دير الزور وعودة إلى الطبيعة (الجول)

في فصل الربيع تهيم النفوس للخروج من البيوت التي طالت الإقامة القسرية فيه فترة الشتاء البارد فيبدأ أهالي دير الزورعلى مختلف شرائحهم في بدايات شهر آذار من كل عام برحلات إلى  البادية يطلق عليها في مصطلحات الديرية أو طلعة جول وهذه الرحلات بنوعين رحلات عائلية تضم كافة أفراد العائلة أو رحلات شبابية لها طقوسها الخاصة التي تختلف في الكثير من الأحيان عن الطلعة العائلية
ويقول أحد هواة التطلعات نقوم في كل عام مع تغير الطقس في ديرالزور بنصب مخيم مؤلف من مجموعة من الخيام في البادية لمدة ٤ أو ٥  أسابيع متتالية بعد الانتهاء من تأمين كافة احتياجات هذا المخيم من مولدة كهرباء وفرش للنوم وأدوات مطبخ كاملة تتضمن الطناجر و الغاز مع عدة متكاملة لشوي اللحوم ونقوم بتوزيع العمل منذ اليوم الأول للمخيم فهنالك من يهتم بإعداد الأطعمة ومن يلتزم بتأمين الاحتياجات اليوم وتنشط الحركة إجمالا في مثل هذه المخيمات الشبابية عادة مساء بالإضافة بعض أيام العطلة التي يتم فيها قضاء نهار كامل بين أحضان الطبيعة ويبدأ الزوار ورواد هذه المخيمات بالتوافد لقضاء سهرات جميلة يتبادل فيها الأصدقاء المزاح والأحاديث وشرب الأركيلة على صوت أحد الفنين الشعبين من أبناء المحافظة
كما جرت العادة بأن يقوم زوار هذه المخيمات من غير الفريق المشاركة في تأسيسه بإحضار بعض الأطعمة والحاجيات التي تنقص المخيم والتي يتم عادة التنسيق بها عن طريق الجوال مسبقا كنوع من تخفيف الأعباء على أصحاب المخيم وكسر حاجز الخجل بين الضيوف والمقيمين فهذا الأمر ليس مطبقا على كافة الضيوف وبعد قضاء أمسية جميلة يغادر هؤلاء الزوار إلى بيوتهم إضافة إلى مؤسسي المخيم والذين يتناوبون عادة على المبيت في المخيم على اعتبار فترة الإقامة في المخيم طويلة بحيث يقومون بإنهاء أعمالهم خلال النهار ويعودون إليه ثانية من بعد الظهر
وتتميز هذه المخيمات عن المخيمات العائلية في الكثير من الأمور فمن حيث نوعية الأطعمة المقدمة تنعكس الآية فتجد وجبات الطبخ من الكبسات والثريد بأنواعه والطواية والوجبات الشعبية الأخرى التي تشتهر بها المحافظة كالمامونية وهي ذات مذاق حلو والفور التي يقوم أهالي دير الزور بتناولها عادة في فصل الشتاء صباح كل عطلة في مخيمات الشباب في حين تقتصر المخيمات العائلية على المشاوي كما يقوم بعض الشباب ليلا بالخروج إلى الصيد في البادية ولايعودون إلى المخيم حتى بزوغ الفجر فيما يمارس قسم آخر منهم لعب الشدة الورق داخل المخيمات
تختلف هذه المخيمات عن مخيمات الشباب في بعض الأمور البسيطة ولو أنها واحدة من حيث الشكل خيام بادية حيث يتمثل الهدف الأساسي من هذه الرحلات في إدخال السعادة إلى نفوس وقلوب الأطفال بعكس الشباب الراغب في الترفيه عن نفسه كما يقتصر وقت الإقامة على نهار واحد دون مبيت لوجود الأطفال والنساء وتتسم هذه بالتعاون والعمل الجماعي حيث الجميع يشارك في كافة الأعمال فترى النساء يساعدنننا في نصب الخيام وتقديم الحطب للشواء والرجال يشاركون في إعداد السلطات وتجهيز باقي الأطعمة والسفر التي لايشاركون في إعدادها غالبا في منزل فحين يقضي الأطفال أوقاتا سعيدة باللعب والجري في أحضان الطبيعة ومع غروب شمس النهار يبدأ الجميع بتجهيز الأمتعة للنزول إلى المنزل وهنا تشهد منظر غاية في الجمال يتمثل بقوافل الجوالة العائدون إلى منازلهم وأهالي المدينة ممن لم يخرج إلى هذه النزهة ينتظرهم عند مدخل المدينة لتبدأ هتافات الترحيب والتهليل والمزاح لتبقى الأوقات التي أمضاها من خرج بطلعة إلى جولة دير الزور مرسومة بذاكرتهم وخصوصا إذا ما وجد صور لها تعيد لهم تلك الذكريات الجميلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.