يحتفظ أهالي سوريا بعادات قديمة وتراثية في شهر رمضان المبارك توارثوها على مدى عقود وتمتاز كل مدينة بأنواع من الأطباق الشهية ولايزال حي غويران بالحسكة يحافظ على عاداته التي تميزه عن غيره من الأحياء بالحسكة ومن هذه العادات ما تعرف بالسكبة أو الأطعمة وتعني سكب الطعام للجيران والأصدقاء أو تبادله في سبيل توطيد المحبة والعلاقات الاجتماعية والشعور بالآخرين ورغم افتقاد شهر رمضان هذا العام لبعض الأمور بسبب الغلاء الفاحش لكثير من المواد الغذائية لكن أهالي هذا الحي استمروا بهذه العادة الجميلة التي أوشكت على الاندثار في كثير من المدن لكنه لايزال موجود في مشهد يوحي بالبهجة التي تفيض على أجواء المكان بخصوصية أيام هذا الشهر الفضيل
فالسكبة أو الطعمة هي عادة قديمة توارثتها الأجيال منذ عشرات السنين كان لها خصوصية مميزة في شهر الصيام وتزداد بشكل ملحوظ في وقت الأزمات وفي معظم البيوت تقع مهمة توزيع هذه الأطباق على عاتق الأطفال
فنتذكر عندما كنا أطفالاً اعتادت أمهاتنا أن تحضر الطعام وتطلب منا قبل أذان المغرب بدقائق أن نذهب ونسلمه لجارتنا وفي اليوم التالي أو في ذات اليوم كانت تحضر جارتنا الإناء ممتلئا والطعام كان بالعادة يسكب لعائلات فقيرة الحال في الحي
ومع مرور السنوات قل الاهتمام بالسكبة لكن أهل الحي ظلوا محافظين على هذه العادة إلى اليوم ونحرص على تعليمها لأطفالنا لما لها من آثار إيجابية ونفسية على المجتمع فعادة سكب الطعام تلاشت شيئا فشيئا إلا أن هناك قلة من يعلمون ويعملون بها بفعل انشغالات الحياة والتطور الذي نعيشه لكنه و في ضوء ما نمر به من ظروف اقتصادية صعبة بفعل الغلاء
وبرغم كل ذلك لازال أهل الحي يتفقدون عائلاتنا وجيراننا ويتقاسمون ما يشترونه مع بعضهم ويسكبون لهم الطعام قبل الآذان في إطار أبهى صور التلاحم والتضامن والتكافل الاجتماعي
فهذه العادة لا تزال تلعب دورا بارزا في الصلح وطريقا لفتح باب الود والمسامحة سواء بشهر رمضان أو خلال أيام السنة
ولم يبق للجار سوى جاره يتفقده ويسأل عنه ويتبادل الحديث معه ولا يمكن أن ينساه من رغيف خبزه أو ما تيسر له من طعام فهذه النكهة انقرضت أو كادت لكنها لايزال أهل غويران يحافظون عليها.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى