بوتين.. من الجاسوسية إلى القيصرة

كل العالم حاليًا أنظاره متجهة نحو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الزعيم الذي يريد إعادة أمجاد روسيا القيصرية. لا يعرف الكثير عن حياته المثيرة للجدل ولا عن شخصيته الغامضة.

‏مادلين أولبرايت، أوّل دبلوماسية أمريكية ألتقت ببوتين رسميًا في التسعينات، في تقريرها عن هذه الشخصية قالت أنّها صُعقت.

لأنها شعرت أنها تجلس أمام شخص سايكوباثي بلا عواطف، لم تكن قادرة على قراءة تعابيره، ولا تستطيع التنبؤ بانطباعاته وردود أفعاله ، وابتسامته الباردة.

‏وبالفعل، حسب كلام بعض المحللّين يعتبر بوتين من أكثر الزعماء اتزانا وثباتا في لغة الجسد.

وخلال المقابلات يجيب على الأسئلة المثيرة للجدل بمراوغات مصاغة بحذر، ولا يرتبك أو تظهر عليه علامات القلق أو اللعثمة.

ويحاور بشكل جيّد دون حاجته لمستشارين في الحوارات السياسية كما يقولون ‏كلّ هذه الملاحظات تمّ ملاحظتها على الفور عند أول تعامل دبلوماسي أمريكي مع بوتين، ولهذا بدأت تشكّ المخابرات الأمريكية في مدى دقّة بعض المعلومات التي تم جمعها مسبقا عن هذه الشخصية المدرّبة بشكل ممتاز.

 

فهل استطاعت فعلًا شخصية فلاديمير بوتن من تزييف بعض المعلومات عن ماضيها؟

‏بوتين من مواليد الاتحاد السوفييتي ( روسيا حاليا ) وعمره الرسمي يقارب ال 70 سنة ( مولود سنة 1952 ) ، رغم أن البعض يشككون بعمره، ويعتبرون بوتن أكبر من ذلك، ونشأ في عائلة متواضعة وكانت طفولته منعزلة بسبب انشغال والديه بالعمل، يقال أن هذا الشيء عزز عند بوتن السريّة ‏لذلك حاول منذ مراهقته الالتحاق بـ المخابرات السوفياتية KGB.

وبالفعل نجح بذلك في العشرينات وعمل كجاسوس سوفييتي، وكشفت المخابرات أحد هوياته الجاسوسية المستخدمة للتجسس منذ سبعينيات القرن الماضي!

‏لاحقًا حدث ما هو لافت، بوتن ارتقى بسرعة في سلم المناصب، إلى أن أصبح رئيسا لروسيا في سنة 1999.

الغريب أنّه أصبح رئيسا لروسيا وقتها دون انتخاب الرّوس له! استقال حينها الرئيس الروسي الفعلي بوريس يلتسن وسلّم منصبه لفلاديمير بوتن الذي كان رئيسا للوزراء ذلك الوقت على طبق من ذهب ‏في فترة بوتين الرئاسية الأولى استطاع ضم الشيشان كجزء من روسيا، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي لمدة 13 سنة.

وفي الفترة الثانية وصف بوتين أن انهيار الاتحاد السوفيتي “من أعظم كوارث القرن العشرين”، هذا التصريح كان مؤشّرا حينها على نوايا هذه الشخصية في التوسّع، واستمر بوتين في منصب الرئاسة لدورتين (1999-2008 ، 2012–وحتى الآن).

في 2008 غزت روسيا أحد الجمهوريات السوفيتية السابقة “جورجيا” وفصلت عنها منطقتين وهما جنوب أوسيتيا وأبخازيا، وهذه كانت بداية واضحة لتمرد روسي لديه أطماع جغرافية وقومية!

‏وفي سنة 2014 غزا بوتين شبه جزيرة القرم، واليوم يغزو بوتين أوكرانيا، مما لا يدع مجالا للشكّ أنّ هذه الشخصية الرّوسية القومية تسعى لتغيير موازين القوى في العالم ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السّفن، الغرب وعلى رأسه أمريكا كانت دائما بالمرصاد .

‏بعد الغزو الروسي للقرم فُرضت عقوبات قاسية على روسيا، تم استبعادها من مجموعة الثمان الكبار G8، وتغيرت اسم هذه المجموعة للسبع الكبار، وانهارت العملة الروسية بسبب العقوبات ونتيجة لذلك تقلصت ميزانية الجيش الروسي، وأصبح المجد الذي وعد به بوتن الروس صعب المنال، وظهرت على بوتين خطوات استراتيجية لافتة بعد العقوبات الغربية

حاول بوتين إنشاء ترسانة إعلامية مناهضة للغرب، من ضمنها “RT” وكانت منافس غير معتاد لوسائل الإعلام الغربية مثل “CNN” و “BBC” ، ولاقت أفكارها شعبية هائلة خصوصا لدى الرأي العام الأمريكي المحافظ.

أبرز شيء في حياته هو أنه مقاتل فعلًا بوتن لاعب “جودو” وهي رياضة قتالية شبيهة بالكاراتيه حصل فيها على الحزام الأسود.

بوتن يرى أن الجودو ضرورية جدًا لإتقان تعلم ضبط النفس، والقدرة على الشعور باللحظة، ورؤية نقاط الضعف والقوة لدى الطرف الآخر، وحسب المتداول بوتن لا يستخدم الهاتف الخلوي، ويتجنب استخدام الانترنت على الكمبيوتر، ويحصل على الأخبار مباشرة من مسؤولي المخابرات عبر ملفات ووثائق ورقية.

بوتين هو أكثر زعيم لوّح بالقوة النووية لدى روسيا، ودائما ما يتفاخر بأسلحة الجيش الروسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.