وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة معدلات الطلاق في سوريا

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي نعمة ونقمة فهي نعمة لمن شطت به المسافات ونقمة لاستخدامه بعلاقات مشبوهة مما تسبب بمشاكل كثيرة

فمعدلات الطلاق ازدادت مؤخرا بشكل لافت في المجتمع السوري، سواء بالداخل السوري أو في بلاد المهجر، إذ أن بعض الزيجات انتهت بعد أشهر قليلة من الزواج وأخرى انتهت بعد زواج دام سنوات، ومرد ذلك وفقا لبعض وجهات النظر، يعود لسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بتضخيم المشكلات والتحريض على الطلاق، بينما يقرن آخرون فشل العلاقة الزوجية بسوء الظروف الاقتصادية والمادية، وآخرون يربطونها بعوامل كثيرة أخرى لا تعد ولا تحصى، وفي النتيجة تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة. تهدم الأسرة وبالتالي النسيج الاجتماعي بكامله.

فهذه الظاهرة الاجتماعية، التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي الذي يمر بظروف قاهرة بسبب الحرب والوقوف على أسبابها وآثارها، فمؤشرات الطلاق ازدادت في الآونة الأخيرة ضمن آخر الإحصائيات، فقد سجلت حوالي 11 ألفا حالة طلاق بين سوريا ودول المهجر، بينما بلغت حالات الزواج 28 ألفا في الداخل السوري، و ارتفاع حالات الطلاق لا تعتمد أسبابها فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، فظروف الحرب التي تعيشها معظم الأسر، تفرز العديد من حالات التفكك الأسري بل وتعتبر أبرز الأسباب في حدوث الطلاق.

النزوح والزواج من أشخاص ذوو ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة، يعد سببا آخر لتفكك العلاقات الأسرية، بالإضافة لارتفاع نسبة البطالة ووضع أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر في سوريا، وهذا يؤدي بالمقابل إلى تدهور الحالة النفسية لدى الرجال والنساء معا، فالضغط النفسي يسبب حالات طلاق في غالب الأحيان، وحالات انتحار أحيانا أخرى، كما حدث مؤخرا في الشمال السوري.

على وقع تجربتها كمستشارة إلكترونية مرت إحدى السيدات بحالات وصفتها بعدم التواصل الصحيح، التي تفرز نوع من المقارنات التي تجري بين الرجال والنساء، ويحصل ذلك عندما يقارن الرجل زوجته مع غيرها من النساء أو الزوجة، فالمقارنة هي بداية طريق الانهيار التي تتمثل بالمقارنة بالشكل والحياة الاجتماعية من حيث طبيعة التعامل والردود.

والعادات والتقاليد كانت السبب الأبرز برأي البعض في فشل بعض العلاقات الزوجية، حيث تقول سيدة بأنها أحبت شابا كان يسكن بالقرب من منزلهم بريف حلب، إلا أن أهلها أجبروها على الزواج من ابن عمها الذي لا تكن له أي مشاعر، عدا أنه شخص غير مبال وعاطل عن العمل، حيث استمر زواجهم 4 سنوات.

إحدى صديقاتها فتحت عيونها على التكنولوجيا بحسب تعبيرها، وأدخلتها عالم التواصل الاجتماعي التي تعتبره العمر عالم الأحلام، حيث تعرفت من خلاله على شاب وتعلقت به ووعدها بالزواج، إلا أنه اختفى عندما انفصلت عن زوجها، ولم يعد يجيب على رسائلها. عادت إلى منزل أهلها وبدأت تتحدث مع مجموعة من الشبان منتظرة أي منهم يأتي ويطلب يدها. بعد مدة ليست ببعيدة طرق شاب بسيط باب منزلهم لخطبتها، وبعد أن تزوجته وجدته نسخة مشابهة عن زوجها السابق.

وقالت أخرى بأنها اعتبرت نفسها من أكثر النساء حظا، فقدت الشعور بالحب اتجاه زوجها بعد زواج 10 سنوات، وإنجاب ابنتين حيث وجدت نفسها تعيش في روتين ممل، فبعد أن بدأت تعمل في إحدى الشركات في ولاية غازي عنتاب التركية، تعرفت على شاب يعمل معها في نفس الشركة، وأعجبت به واتفقا على الزواج، حيث كانت تعود من عملها وتباشر الحديث معه عبر الواتس أب إذ كانت لا تقوى على فراقه، بحسب تعبيرها.

وبعد أشهر من زواجها الثاني تقول بأن زوجها الثاني لم يعد يهتم بها، حيث اكتشفت أنه يحادث امرأة غيرها وبدأ بمواعدتها سرا، فطلبت الطلاق منه، بعد أن صرفت عليه الكثير من الأموال وأصبحت وحيدة، لأن طفلتيها فضلتا البقاء مع والدهم بعد زواجها الثاني، معتبرة أن الثقة الكبيرة التي منحها لها زوجها الأول، هي السبب الرئيسي في تفكيرها بأن تطلب الطلاق بعد أن شجعها على العمل خارج المنزل، بحسب رأيها

وأما الفيسبوك أصبح ساحة لنشر قضايا عائلية، لم يكن الاطلاع عليها متاحا في الماضي، بحسب حديث أحدهم الذي انفصل عن زوجته بسبب مشاكل تتعلق باستخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي فعندما تقارن الزوجة بين واقعها الذي تعيشه مع زوجها والذي قد لا تسمع فيه كلمة طيبة، وبين المدائح التي تنهال عليها عبر التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي، فتثور وتتمرد على زوجها.

هذه الحالة أدت إلى انهيار الكثير من الأسر حتى وصلت إلى الطلاق، فالإنترنت يظهر جوهر الشخص، وهناك حالات زواج ناجحة كانت بسبب وسائل التواصل لسهولة التقرب من الطرفين، واختزال بعض الإجراءات المكلفة لذا يمكن اعتباره سلاح ذو حدين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.