كيف استطاعت إسرائيل كشف وتدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور

ديرالزور – مروان مجيد الشيخ عيسى

كلنا سمع أن إسرائيل قصفت بغارة جوية على ما يشتبه بأنه مفاعل نووي في دير الزور السورية، بعد منتصف الليل مباشرة يوم 6 أيلول 2007، وهو ما اعتبر عملية عسكرية إسرائيلية كبرى أو كما يطلق عليه في إسرائيل خارج الصندوق.

وهذه العملية لم تعترف إسرائيل رسميا بها إلا في عام 2018، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي صراحة مسؤوليته عن تدمير المنشأة النووية السورية، بينما تنفي سوريا باستمرار أن يكون الموقع الذي تعرض للقصف، مفاعلا نوويا.

وفي بيان نُشر في ذلك الوقت، وصِفت الضربة الجوية على موقع “الكُبر” شرقي دير الزور بأنها أزالت “تهديدا وجوديا ناشئا ضد إسرائيل والمنطقة بأكملها”، وأشار إلى، أن المفاعل كان على وشك الاكتمال.

وكانت الاعتقادات بقيت لزمن طويل بمسؤولية إسرائيل عن تدمير المفاعل النووي السوري في صحراء دير الزور، بيد أنها لم تقرّ بذلك حتى صدور البيان الأخير.

ومن ثم، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية عبر بيان مقتضب، مطلع شهر أيلول2022، بمناسبة مرور 15 عاما على قصف مفاعل نووي في سوريا، وكشف “لأول مرة” وثيقة استخباراتية تعود إلى عام 2002 تدور حول مشروع نووي “سرّي” مشتبه به في سوريا.

و كشف قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، إليعازر شكدي، تفاصيل مثيرة عن عملية تدمير المفاعل النووي شرقي دير الزور في عام 2007، بدءا من التخطيط واتخاذ القرار وانتهاء بتنفيذ العملية.

وجاء ذلك في مقال مطوّل كتبه الصحفي الإسرائيلي البارز، بن كسبيت، نشرته صحيفة “معاريف”، بمناسبة “يوم الغفران” اليهودي، المصادف يوم أمس الأربعاء، خبايا العملية التي تعتبرها إسرائيل “تاريخية ومصيرية” وإحدى أهم العمليات الأمنية العسكرية التي نفذتها في تاريخها.

في عام 2001، حدد الموساد، جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي. خصائص الرئيس السوري الجديد بشار الأسد، المنصّب حديثا آنذاك. ولوحظت الزيارات التي قامت بها شخصيات كورية شمالية، التي ركزت على عمليات تسليم الأسلحة المتقدمة.

واقترحت “آمان”، شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مناقشة الأسلحة النووية، إلا أن الموساد رفض هذه النظرية. وفي ربيع عام 2004، أفادت الاستخبارات الأميركية بوجود اتصالات متعددة بين سوريا وكوريا الشمالية، وتعقبت المكالمات إلى موقع صحراوي يسمى الكُبر. وقامت الوحدة 8200، وهي استخبارات إشارات إسرائيل ووحدة لفك الشفرات، بإضافة الموقع إلى قائمة المراقبة.

وفي أواخر نيسان/أبريل 2004، حدث انفجار هائل على قطار بضائع كوري شمالي يتوجه إلى ميناء نامبو. استنادا إلى كاتب المخابرات البريطاني جوردن توماس، علم الموساد، أن العشرات من التقنيين النوويين السوريين كانوا في مقصورة تجاور عربة مغلقة. وحسب توماس، فإن السوريون قد وصلوا إلى كوريا الشمالية لجمع المادة الانشطارية المخزّنة في العربة

وكل التقنيين، قُتِلوا في انفجار القطار، وقد تم نقل جثثهم جوا إلى سوريا في توابيت مغطاة بالرصاص على متن طائرة عسكرية سورية، وفق صحيفة التلغراف.

كذلك، جرى تطويق منطقة واسعة حول موقع الانفجار لأيام حيث كان جنود كوريون شماليون في بدلات ضد التلوث يجمعون حطاما ويرشون المنطقة. ومحللو الموساد شكوا بأنهم كانوا يحاولون استعادة البلوتونيوم الصالح كسلاح.

ومنذ الانفجار، قام الموساد بتعقب حوالي اثنتي عشرة رحلة، من قبل ضباط وعلماء عسكريين سوريين إلى بيونغ يانغ، حيث التقوا المسؤولين الكوريين الشماليين الكبار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.