الظواهري وطالبان: خلافات وراء الكواليس في تسجيل مرئي بعنوان ” نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة”،،


ظهر من جديد أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة خلفا لأسامة ابن لادن، في إصدار مرئي بعنوان “نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة”،
والذي خصه لاستعراض تاريخ منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تاريخ وأنشطة منظمة اليونسكو.
الظواهري سرد في كلمته، التي بلغت 39 دقيقة، كان بمعرض الهجوم على المنظمات الدولية والأممية تحديدا،
ففي مستهل كلمته، قال الظواهري إن الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة يعني الانضمام إلى منظمة “علمانية تتناقض مع الشريعة الإسلامية”، لأن الدولة التي تقبل بعضوية المنظمة، ستُوقع على ميثاقها الذي ينص على التحاكم للأغلبية أو لإرادة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وللقانون الدولي ولمبادئ العدالة الدولية، التي يعتبرها الجهاديون من “أحكام الجاهلية الكفرية”.
وسعى “الظواهري” لكسب تأييد مكونات حركة طالبان، وتوظيفهم للضغط على قيادة الحركة الأفغانية، فعلى سبيل المثال، ركز ، في غالب كلماته، على وصف الأمم المتحدة بأنها “منظمة كفرية يحرم الانضمام لها”- من المنظور الجهادي التقليدي-، كما صورها بأنها تتعارض مع الأعراض القبلية الأفغانية لأنها تساوي بين الرجال والنساء في سائر الحقوق والواجبات، فضلًا عن تأكيده أن الانضمام للمنظمة الأممية يعني اعتراف “طالبان” بإسرائيل كدولة ذات سيادة، (وهو ما ترفضه الحركة، حتى الآن).
وكل من ينطوي تحت سقف الأمم المتحدة، معتبرا ذلك بمثابة “قبول بالتحاكم لغير شريعة الله”
وعلاوة على ذلك، استشهد أيمن الظواهري بأحد الفتاوى الخاصة بـ”جهاد الدفع” من كتاب “مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر” للفقيه عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المعروف بـ”شيخي زاده”، وهو أحد فقهاء المذهب الحنفي الذي تدين به حركة طالبان (المذهب الأكثر انتشارًا في أفغانستان)، وذلك للإيحاء بأن هذا المذهب الفقهي يوجب على الحركة الأفغانية دعم الحركة الجهادية المعولمة، وعدم الاكتفاء بتحرير أفغانستان فقط.
وحذر الظواهري بكلمته أن التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة يترتب عليه منع “المجاهدين” من نصرة المسلمين في مختلف البلدان،
واعتبر ذلك مناقضا للشريعة الإسلامية التي “فرضت وأوجبت الجهاد لتحرير بلاد المسلمين وقتال الكفار”.
و انتقد الظواهري مطالب حركة طالبان الأخيرة دون تسميتها، بالحصول على مقعد أفغانستان في المنظمة الأممية، بعد سيطرتها على الحكم في أفغانستان.

لكن لجوء الظواهري إلى مخاطبة قيادة طالبان، في العلن عبر إصدار مرئي، يوحي بوجود خلافات وكواليس بينهما، لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، فضلًا عن أنه قد يكون مؤشرًا على ضعف أو انقطاع قنوات الاتصال التقليدية بين التنظيم والحركة.
وتُبين المعطيات السابقة، أن تحول حركة طالبان من نمط “حركة التمرد الجهادية” إلى النمط “الدولاتي” الهادف إلى تأسيس وترسيخ حكمها في أفغانستان، أضر بتنظيم القاعدة أكثر مما نفعه، خلافًا للتوقعات التي راجت، قبيل الانسحاب الأمريكي، والتي ذهبت إلى أنه سيؤدي إلى إعادة العلاقات بين الحركة والتنظيم وستمنحه فرصة لإعادة بناء شبكته في وسط وجنوب آسيا.
وتحاول الحركة الأفغانية، مؤخرًا، أن تثبت للمجتمع الدولي أنها تخلت عن النهج القديم في دعم التنظيمات الجهادية المعولمة، وأنها تلتزام بالاتفاقيات الدولية التي أبرمتها، ومنها اتفاقية السلام مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر الانخراط في عمليات مكافحة الإرهاب وملاحقة “شبكات الجهادية العابرة للحدود الوطنية”، كما ظهر في مقاطع مرئية بثها “إعلام طالبان”، لقوات الحركة الخاصة وهي تلاحق إرهابيين بعد الهجوم على مستشفى كابل العسكري.
ومن الواضح أن هذا النهج عزز الخلافات البينية بين الحلفاء القدامى (القاعدة وطالبان)، لأنه لا يخدم مصالح التنظيم، ويساهم في استمرار الضغط الأمني والاستخباري الواقع عليه في إطار حملات مكافحة الإرهاب الدولية والإقليمية.
ويكشف ظهور تلك الخلافات إلى العلن، كما يُفهم من الإصدار الأخير لأيمن الظواهري، أن الحركة الأفغانية مصرة على القطيعة مع الماضي، ومتمسكة بالانخراط في المجتمع الدولي والانضمام لمنظمة الأمم المتحدة، رغم أن “جهاديي القاعدة” طلبوا منها في مرات عديدة أن لا تُقدم على تلك الخطوة، بحسب ما ذكره أبو مصعب السوري، المنظر الإستراتيجي لـ”القاعدة، في كتاب “أفغانستان والطالبان ومعركة الإسلام اليوم”.

إعداد وتحرير: إبراهيم حمو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.