تشهد محافظة دير الزور شرق سوريا تطورات ميدانية متسارعة، خاصة بعد انسحاب جزئي لقوات التحالف الدولي من قواعدها في حقلي “التنك” و”كونيكو”، ما فتح الباب أمام قراءات متباينة لمستقبل مليشيا “قسد” في المنطقة.
وبحسب ما أفاد به ناشطون محليون من المنطقة، فقد استقدمت مليشيا قسد خلال الأسابيع الأخيرة تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها في دير الزور، شملت تدعيم النقاط العسكرية على السرير النهري وتحصين الحواجز، بالإضافة إلى تمركز قوات جديدة في مواقع مثل كونيكو، ومراط، والمعامل، وساحة هجين.
التحركات الأخيرة تزامنت مع تقارير تفيد باحتمال دخول الجيش السوري إلى مناطق “خط الجزيرة”، وسط حديث عن تنسيق محتمل لتسليم هذه المناطق من مليشيا قسد إلى دمشق، ما يعزز من احتمالات الصدام أو إعادة رسم خطوط السيطرة في المحافظة.
وتشير مصادر محلية إلى أن جزءاً من القوات المستقدمة ينتمي إلى وحدات نخبة قادمة من قنديل، فيما يضم جزء آخر عناصر فرت سابقاً من جيش النظام وانضمت إلى مليشيا قسد بعد انهيار مواقعها.
في هذا السياق، أكد مظلوم عبدي، قائد مليشيا قسد، في تصريحات إعلامية، تمسكه بالاتفاق الذي أبرمه مع الرئيس السوري أحمد الشرع قبل أشهر. إلا أن مراقبين يرون أن التحركات العسكرية الأخيرة تحمل رسائل مغايرة، وتدل على استعدادات لاحتمال تصعيد ميداني في دير الزور.
وتذهب تحليلات متقاطعة إلى أن مليشيا قسد قد تسعى لفتح معركة استباقية مع الجيش السوري، ليس بهدف تحقيق نصر عسكري مباشر، بل لخلق حالة من التعاطف الدولي معها، وتحفيز القوى المعارضة للنظام – خاصة في الساحل والسويداء – على التحرك، مستغلة صور المعارك والتضحيات المتوقعة.
ويرى البعض أن مليشيا قسد تختار دير الزور، وليس الحسكة، كساحة للتصعيد المحتمل، لتجنب تدمير مناطقها ذات الغالبية الكردية، ولأنها تعتبر المنطقة أرض مواجهة مناسبة لمثل هذه المناورات، على الرغم من معرفتها المسبقة بصعوبة الانتصار العسكري.
وتبقى المخاوف الأكبر لدى أهالي دير الزور من أن تتحول مناطقهم مجدداً إلى ساحة حرب مفتوحة، بعد أن دفعت ثمناً باهظاً في السنوات السابقة. كما يشير ناشطون إلى أن القيادات المحلية التابعة لـمليشيا قسد من أبناء دير الزور، لا تحظى بثقة القيادة الكردية، ويُنظر إليهم باعتبارهم حلفاء مؤقتين لا يُعتمد عليهم في المعارك المصيرية.
وسط هذا المشهد، تبقى المنطقة على مفترق طرق، بين احتمالات التهدئة أو الانزلاق نحو تصعيد جديد ستكون له تداعيات قاسية على السكان والبنية التحتية