سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
اعتاد السوريون على مشاهدة القصف الإسرائيلي على سوريا إما مباشرة أو عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ومؤخرا قام الجيش الإسرائيلي بنشر وثيقة، أعدها قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في 2002، أي قبل 5 سنوات من تدمير المفاعل العام 2007، حيث أطلق على العملية في حينها اسم خارج الصندوق.
وجاء نشر الوثيقة بالتوازي مع تصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي، على المواقع الإيرانية في سوريا، وذلك بهدف منع إيران من إنشاء قواعد عسكرية، أو استقدام تعزيزات عسكرية، وأسلحة من إيران نحو الأراضي السورية.
وأشارت الوثيقة، إلى أن “هناك تطورا مهما على الساحة السورية يمكن أن يؤدي إلى خطوة عسكرية نووية“.
وقالت: “أصبح معروفا مؤخرا أن هيئة الطاقة الذرية السورية، تعمل على تنفيذ مشاريع سرية، أو على الأقل قيد التنفيذ لم تكن إسرائيل على علم بها، وأن الأمر يثير الشكوك حول بدء تطوير في المجال النووي“.
إسرائيل تهدف بالدرجة الأولى لمنع التمدد العسكري، للميليشيات الإيرانية بما يشكل خطرا على إسرائيل، “وبالتالي فإن إسرائيل ليس لديها مشكلة مع النفوذ الإيراني خارج الإطار العسكري“.
فالاستهداف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية العسكرية داخل سوريا، يتم بالتنسيق مع عدة أطراف، سواء مع روسيا أو أميركا، ولم نشهد أي صدام بين الأطراف الثلاثة طيلة الفترة الماضية، أيضا يجب التأكيد على مسألة أن إسرائيل لا تستهدف كامل النفوذ الإيراني، أي هي ليست ضد وجود إيران، وإنما ضد الوجود العسكري لإيران، الذي يهدد أمنها.
وقصف المطارات السورية، مرتبط بشكل مباشر بمحاولات إيران، تهريب أسلحة ومعدات عسكرية إلى سوريا، فالعمليات الإسرائيلية ستستمر، طالما ستواصل إيران تحركاتها العسكرية في البلاد.
فانتهاء التصعيد مرتبط بجملة من الأمور، لعل المسألة الأولى، هي الصراع أو المناكفة السياسية بين إيران، والأطراف الغربية، حيث تسعى إيران دائما للظهور بأنها تملك أوراق ميدانية للضغط، لذلك نرى، التحركات الإيرانية متزامنة مع مفاوضات الملف النووي الإيراني.
فلا النظام السوري ، ولا الروس قادرين على كبح جماح إيران في سوريا. إيران تعتبر نفسها صاحبة أحقية بالتواجد على الأراضي السورية، أكثر من الروس، لا يمكن التعويل على الأسد، أو الروس للحد من النفوذ الإيراني، لأن إيران هي وحدها من تملك القرار، وسيبقى الحال كذلك طالما بقي النشاط العسكري الإيراني، وبالتالي استمرار القصف الإسرائيلي“.
ولا يوجد وقت محدد للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، خاصة في سوريا، فالطائرات الإسرائيلية لم تتوقف أبدا عن استهداف المواقع الإيرانية، ومواقع “حزب الله” اللبناني في سوريا، وهي تملك الضوء الأخضر للعمل بحرية في سوريا، من قِبل الأميركيين، والروس.
فإسرائيل تخوض حربا متعددة الأوجه ضد إيران، وحتى في العمق الإيراني، من خلال اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين، أو من خلال هجمات سيبرانية وإلكترونية قادرة على تعطيل العمل بالمنشآت النووية الإيرانية، أو القيام بعمليات تخريب في بعض المنشآت من خلال عملاء، وجواسيس تابعين لها داخل إيران.
والمسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تتردد باستهداف إيران وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.
وخلال السنوات السابقة، اعتمدت إسرائيل نهجا قائما على تنفيذ غارات جوية وصاروخية على مواقع هذه الميليشيات وعلى شحنات الأسلحة، لكن ومع التمدد الإيراني الكبير في سوريا، والتوتر بين الطرفين، بات من الممكن أن تتحول سوريا لساحة حرب كبيرة بينهما، ولكن حتى الآن لم تحصل أي ردود إيرانية ضد إسرائيل ما يدفع بالتساؤل حول هذا الصمت الإيراني عن تلقي الضربات الإسرائيلية.