سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
تعكس الألعاب الشعبية خصائص الترفيه في المجتمع المدني والريفي وخصوصاً في منطقة الجزيرة السورية، ومن تلك الألعاب لعبة “الحورة” التي لا تلعب إلا في فصل الربيع، وتحتاج إلى قوة وشجاعة أثناء ممارستها
مسرح أو مضمار اللعبة كبير كملعب كرة القدم تقريباً، فيه خط بأوله وخط بنهايته ويعتبر كل خط حدوداً للفريق، ولا يوجد زمن محدد للعبة ولا أشواط، ولا يوجد حكم، وإنما للعبة ضوابط محددة ومعلومة لجميع المتنافسين وهم عادة إما قريتان متجاورتان أو بين مجموعتين من قرية واحدة أو بين فخذين من عشيرة واحدة، حيث تعتمد اللعبة على محاورة الدكش بين العصي وإيصاله إلى ما خلف الخط، وكل اجتياز للخط يعتبر هدفاً، ثم يرمى الدكش من جديد وسط الملعب ويتابع اللعب، ولا تنتهي اللعبة إلا باستسلام أحد الفريقين، عندها يكون الخاسر بالعرف الريفي، ثم يقوم الفريق الخاسر بذبح شاة من الغنم وطهوها ويأكل منها الفريق الفائز فقط إلا إذا سمح للفريق الخاسر بمشاركته الطعام، وأحياناً تدوم اللعبة أكثر من أربع ساعات متواصلة إذا كان الفريقان متكافئين من حيث القوة والصلابة.
وتمتاز لعبة الحورة بشعبية كبيرة في ريفنا لكونها تجمع بين أمور عدة كـ القوةو الشجاعةو المهارةو الرشاقةو التصميم و الحماس و الكرم، فطبيعة اللعبة قاسية وخشنة ما ينتج عن ذلك إصابات بالغة مثل: كسور في الأرجل والأيدي وأحياناً في الأضلاع ناهيك عن الكدمات في الوجه والرأس، ومع كل هذا هناك عرف ريفي وقبلي خاص باللعبة فحواه فلا يوجد ثأر للذي يصاب أثناء اللعبة مهما كانت إصابته بالغة بل يؤخذ الأمر بكل روح رياضية ودون أي خصومة.
أما دور النسوة في اللعبة فيقتصر على إطلاق الزغاريد وترديد بعض الأغاني الحماسية التي ترفع من الروح المعنوية والقتالية لدى اللاعبين عندها يفور الدم بالرؤوس معاندين كل الصعاب، كما يقمن أيضاً بتضميد وإسعاف المصابين.
وكلنا يلحظ تلاشي الألعاب الشعبية في مجتمعنا اليوم والتي شأنها شأن الثقافة التقليدية ويعود ذلك لأسباب عدة من أهمها: اجتياح التكنولوجيا والتقانة لكل منزل والانصراف اللافت النظر إليها والتغير الاجتماعي والاقتصادي الذي طرأ على بعض المجتمعات وما يترتب عليه من أنماط حياتية جديدة، بالإضافة إلى عزلة الطفل عن المجتمع وذلك بتأمين ألعاب له بالمنزل بغية المحافظة عليه من سطوة الشارع وصعوبة ممارسة بعض الألعاب لعدم توافر المكان المناسب في البيئة الجديدة.