كيف استغل حافظ الأسد حزب البعث ليصل إلى حكم سوريا ويورثها لابنه

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

عاشت سوريا فترة زمنية أدت في كل نتائجها إلى وصول حافظ الأسد لحكم البلاد منفردا بأساليب قذرة غدر فيها بأقرب الحلفاء والأصدقاء بدأها باستقطاب الأقليات على حساب الأغلبية السنية

وقد أدى هذا الاستقطاب العلني والطائفي داخل الجيش السوري وحزب البعث بين السنة والعلويين إلى وقوع انقلاب 23 شباط سنة 1966م، بقيادة العلويَّيْنِ صلاح جديد وحافظ الأسد والدرزي سليم حاطوم، فقضي على الرئيس السني ضعيف الشخصية أمين الحافظ بالسجن ثم بالنفي إلى لُبنان بعد هزيمة حزيران سنة 1967م، وكان من نتائج الانقلاب المباشرة تولّي صلاح جديد منصب أمين عام مساعد للقيادة القُطرية لحزب البعث، أما حافظ الأسد فقد ترقى من قيادة سلاح الطيران ليصبح وزيرا للدفاع، كل هذا من خلف رئيس مدني صوري لم يكن يملك من أمره شيئا هو نور الدين الأتاسي ذلك المنصب الذي خُصص للسنة آنذاك.

كما أسفر الانقلاب الجديد عن تصفية بعض جماعات الضباط السّنيين البارزة، ثم تم تسريح أهم أعضاء كتلة وزير الدفاع السابق محمد عمران، وفي غضون عام 1966م تم تصفية هؤلاء أيضا بصورة رسمية، وكان أغلب هؤلاء الضباط الذين تمت تصفيتهم من أبناء السنة، ولقد نتج عن هذا الانقلاب وسياساته ازدياد تمثيل أعضاء الأقليات الدينية مرة أخرى، لكن هذه المرة دون توازن واضح، وفي غياب كبير للمكون السني ذي الأغلبية النسبية في البلاد، بل أصبح العلويون والدروز والإسماعيليون  هم الطرف الأقوى في معادلة الحكم الجديدة، سواء في الحزب أم في الجيش.

وكان صلاح جديد وحافظ الأسد يملكون القوة الكبرى في الجيش السوري فضلا عن سلاح الطيران الذي أجبر سليم حاطوم على الهرب واللجوء إلى الأردن.

وقد قبض على حاطوم بعد هزيمة حزيران 1967م، حيث دخل إلى سوريا ظنًّا منه أن صفحة الماضي قد طويت، وأن رفاقه القدامى سيتحدون معه من جديد بعد الهزيمة، لكن ما حدث كان العكس إذ عذب تعذيبا شديدا ثم أُعدم رميا بالرصاص في 26 حزيران 1967م، وبهذا تخلص من أهم الجماعات أو الكتل المناوئة للعلويين في الجيش من الضباط والقيادات السنية والدرزية المناوئة، إما بالسجن والنفي وإما بالقتل والتصفية، ودخلت سوريا في منعطف النكسة والهزيمة فخسرت الجولان والقنيطرة، وكان من اللافت أن وزير الدفاع حافظ الأسد قد رقى نفسه آنذاك من رتبة لواء إلى فريق في ظل أجواء الهزيمة المذلة تلك، كما رواها الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ في شهادته.

وبهذا أصبح العلويون سادة الجيش السوري، بل والسلطة في البلاد موزعة بين صلاح جديد المسيطر على الحزب والحكومة والجناح المدني، وحافظ الأسد المسيطر على الجيش والأجهزة العسكرية، لكن سرعان ما ظهرت الخلافات العلنية بين الرجلين في التوجهات الإقليمية والفكرية وقتها بعد هزيمة حزيران، وعمل حافظ الأسد في أثناء عام 1968م على إحكام سيطرته على الجهاز العسكري، واستطاع أن يفصله عن قيادة الحزب المدنية، كما أصدر أوامره بمنع أعضاء القيادة القطرية أو مسؤولي الحزب المدنيين الآخرين من زيارة أقسام تنظيم الحزب العسكري أو القيام باتصالات مباشرة مع قطاع الحزب العسكري، كما منع ضباط الجيش بدورهم من إجراء أي اتصالات مباشرة مع سياسيي الحزب المدنيين إلا عن طريق القنوات الرسمية لقيادة تنظيم الحزب العسكري.

وهكذا خلقت ازدواجية السلطة بين القائدين العلويين، وكانت القطيعة بين الفريقين حين استطاع حافظ الأسد منع أي اتصالات بين الجانبين منذ شباط 1969م، وكانت بما يشبه الانقلاب العسكري، ثم استطاعت قوات الأسد السيطرة على مبنى إذاعة دمشق ومبنى إذاعة حلب، بالإضافة إلى مكاتب أكبر جريدتين سوريتين البعث والثورة، وفرض الرقابة العسكرية على نشرات الأخبار والتعليقات السياسية وجميع البرامج السياسية والثقافية والإعلامية.

استمرت معركة كسر العظام بين الفريقين، كان الطرف الأقوى فيها حافظ الأسد الذي كان يسيطر على وزارات السلاح، ويقضي على ذوي المناصب الاستخبارية والعسكرية المؤيدة لصلاح جديد ونور الدين الأتاسي، ليفرض حافظ الأسد كلمة الفصل والنهاية بانقلاب عسكري ألقى فيه القبض على صلاح جديد والأتاسي في 13 تشرين الثاني سنة 1970م، وبعدها بعام واحد فقط يعلن نفسه كأول رئيس علوي للجمهورية السورية، يبدأ فيها فصلا جديدا من احتكار وتوريث السلطة في الطائفة العلوية بدعم من المنافقين من علماء السنة ، بل ورثها في بيته حافظ الأسد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.