تشهد المنطقة الشرقية في سوريا موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تصريحات أدلى بها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي، عبر قناة «روناهي»، أكد فيها أن «ملفات الرقة ودير الزور والحسكة مرتبطة بنظام الحكم في سوريا»، مشددًا على أن «الانسحاب من الرقة ودير الزور غير قابل للنقاش»، مع الإشارة إلى ضرورة «حل سوري–سوري» وبقاء قنوات التواصل مع تركيا مفتوحة.
هذه التصريحات فجّرت ردود فعل غاضبة في أوساط الناشطين والإعلاميين وأهالي الجزيرة السورية، الذين اعتبروها تجاهلًا لحقوقهم وإرادتهم في تقرير مصيرهم.
شبكة “إعلاميون بلا حدود الرقة”: تعدٍ على إرادة السكان
أصدرت شبكة إعلاميون بلا حدود الرقة بيانًا شديد اللهجة، أكدت فيه أن تصريحات عبدي تمثل تعديًا واضحًا على إرادة السكان الأصليين في المنطقة، وتجاهلًا لمعاناتهم اليومية تحت سلطة تمارس انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين، من اعتقالات تعسفية ومصادرة للأملاك إلى ارتكاب جرائم موثقة دون أي محاسبة.
وطالبت الشبكة الحكومة السورية بتحمل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في استعادة سيادتها على كامل التراب الوطني، وتأمين الحماية للمدنيين، وإعادة مؤسسات الدولة، ووقف الانتهاكات المستمرة بحق الأبرياء.
كما وجّهت نداءً عاجلاً للأطراف المحلية والإقليمية والدولية للتحرك الفوري والجدي لإيجاد حل يعيد الأمن والاستقرار إلى المنطقة، محذّرة من أن الأوضاع قد تتفاقم وتخرج عن السيطرة نتيجة الغضب الشعبي المتزايد.
التجمع العام لمحافظة الرقة: تصريحات استفزازية تخدم أجندات خارجية
في سياق متصل، أصدر التجمع العام لمحافظة الرقة بيانًا رسميًا وصف فيه تصريحات قائد “قسد” بأنها استفزازٌ لمشاعر السوريين كافة، واعتبرها امتدادًا لـ”السجل الإجرامي” لهذه الميليشيا ومحاولة لإدامة الانقسام خدمةً لأجندات لا تمثل أبناء الجزيرة السورية.
وأكد التجمع أن الرقة أرض سورية خالصة، ولا يحق لأي جهة تقرير مصيرها أو التحدث باسم أهلها، مشيرًا إلى أن المحافظة قدمت آلاف الشهداء دفاعًا عن وحدة البلاد.
ودعا البيان القوى الوطنية في الرقة ودير الزور والحسكة إلى موقف موحّد يرفض هذه التصريحات ويؤكد أن القرار في هذه المحافظات سيبقى بيد أهلها في إطار الدولة السورية الموحدة وبسيادة كاملة عليها.
🔍 تحليل Baz News: تصريحات للاستهلاك الإعلامي
يرى مراقبون أن تصريحات مظلوم عبدي ليست جديدة في مضمونها، بل تأتي في سياق معروف يتكرر كلما اشتد الضغط الدولي أو انقسمت المواقف الإقليمية.
فعندما تتأزم الظروف، تُخرج قيادات “قسد” بيانها التقليدي: «نؤيد وحدة سوريا، وندعم الحل السوري–السوري». غير أن الواقع الميداني يظهر العكس تمامًا:
حفرٌ للأنفاق، اعتقالات لكل من يرفع علم بلاده، ومصادرة للأملاك، وإعلام لا يعترف بالدولة ولا برئيسها ولا حتى بجيشها.
التصريحات تبدو — كما يصفها بعض المراقبين — ملصقًا دعائيًا أنيقًا يفتقد لأي مضمون فعلي على الأرض.
الميدان يقول غير ذلك
شهدت المنطقة مؤخرًا اشتباكات وتوترات أعادت ملف الثقة بين الأهالي و«قسد» إلى نقطة الصفر، ما يدل على أن الحديث عن “حوار سوري–سوري” لا يتجاوز حدود التصريحات الإعلامية.
ويرى مراقبون أن «قسد» لا تتحرك بإرادة محلية مستقلة، بل وفق مصالح دولية، وأن حديثها عن حلول سورية لا يتجاوز نطاق القواعد الأمريكية المنتشرة في الحسكة والرقة.
الدروس المستفادة والمطلوب من الدولة
تؤكد التجربة أن أي حل حقيقي للأزمة السورية لا يمكن أن يمر إلا عبر الدولة السورية ومؤسساتها الشرعية، وليس عبر بيانات تُقرأ أمام عدسات الكاميرات.
ومن الضروري أن يكون رد الحكومة واضحًا وصريحًا، عبر كشف حقيقة هذه التصريحات للرأي العام، ومحاسبة من تورط في نهب موارد البلاد أو اعتقال المدنيين لأنهم عبّروا عن تأييدهم للدولة.
فالواقع يقول إن الأزمة السورية لن تُحلّ بالتصريحات ولا بالصور، بل بالوقائع على الأرض، وما لم تُترجم أقوال قادة الميليشيا إلى أفعال، فستبقى مجرد موسيقى سياسية تُعزف على أنقاض الأنفاق ومآسي المعتقلين.
صمت رسمي يزيد التوتر
حتى الآن، لم تصدر الحكومة السورية أي رد رسمي على تصريحات عبدي، وهو ما يترك فراغًا في الموقف السياسي ويزيد من تعقيد المشهد، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الأهالي وقوات “قسد” في الجزيرة السورية.