كان هناك الكثير من الجهود السرية التي تقوم بها بعض الأطراف الأمنية والسياسية في سوريا، لنشر التشيع عبر تشغيل بعض الوكلاء من الشخصيات المؤثرة في مجتمعاتها، وبدعم إيراني مباشر مالياً ولوجستيا وحتى أمنيا، فقد كانت هذه الشخصيات تتبع لأجهزة المخابرات بشكل مباشر وكان أبرزها هشام بختيار رئيس الأمن القومي في سوريا، وتركزت تلك الجهود على استهداف المناطق النائية كما كان يسميها النظام مثل دير الزور والرقة والحسكة، متبعا أساليب ترغيبية تتناسب مع حجم الحاجة والفقر التي كان يعاني منها المواطنون في هذه المناطق،
وبالفعل نجح النظام إلى حد كبير في جذب شريحة كبيرة من المنضمين للمذهب الشيعي، وتم بناء العديد من الحسينيات والمراقد الوهمية لإيهام المتشيعين بقدسية الأرض، وبقي الأمر ٱخذا بالسرية إلى أن اندلعت الثورة السورية وأخذت الحرب الأهلية طابعا طائفياً محضا، تكفلت الميليشيات الإيرانية بنشر صبغته بشكل علني من خلال خداع الأقليات الدينية بأن الحرب الحالية هي حرب مذهبية تستهدف فيها الأغلبية السنية كافة الأقليات ورموزهم الدينية، لخلق ذرائع تسمح بتدخل المزيد من الميليشيات كحزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني الذي كان يتولى تعبئة الرأي العام للأقليات وزجهم بأتون الحرب الأهلية بعدما استطاع اقناعهم بماهية الحرب الدائرة في البلاد،
وظل تجييش الميليشيات مستمراً إلى يومنا هذا، ومن هذا المنطلق لم يعد الواقع الديني الذي تعتمده سوريا مرضياً للنظام وقد ضاق به ذرعاً، فهو نفسه الذي زج بالشباب العلويين ليكونوا قرابين للتمدد الإيراني، من أجل تغيير الطابع الديني المعتمد حتى في الأحوال الشخصية ألا وهو المذهب السني على أئمته الأربعة، فرأى النظام أن الوقت قد حان ليطيح بالهيمنة السنية على الدين في سوريا وتحجيم دورها والغاؤه نهائيا في المستقبل القريب، مستخدماً الكثير من الإجراءات التي تدل على ذلك ومنها،
الإطاحة بمفتي الجمهورية أحمد حسون، والذي كان يعتبر مقربا من النظام وافتى بالعديد من الفتاوى التي تناسب مقاس ورغبة النظام، وأيضاً إصدار مرسوم يقضي بإحداث المجلس الفقهي الذي يضم مشايخ من كافة المذاهب وعلى رأسهم المذهب الجعفري الاثنى عشري، والدرزي والاسماعيلي والعلوي، وآخرها افتتاح النظام السوري لكلية اللاهوت المسيحي التابعة لوزارة التعليم العالي بعد أيام من إلغاء منصب مفتي الجمهورية، ما قد يشير إلى أن توقيت الإعلان عن الخطوة يعتبر توجيهاً جديداً عنوانه إعادة صياغة المشهد الديني في سوريا والمضي في تقديم مؤسسة دينية جديدة تضم كافة الطوائف الدينية في سوريا.